تشهد المنطقة العربية ثورة زراعية حقيقية مؤخراً، حيث تتبنى دول الخليج والمغرب العربي ومصر تقنيات زراعية متطورة لمواجهة تحديات ندرة المياه والمناخ الصحراوي وتحقيق الأمن الغذائي. من الزراعة العمودية في المدن إلى الاستزراع السمكي المتقدم، أصبحت الزراعة الحديثة ركيزة أساسية للاستراتيجيات الوطنية في العديد من الدول العربية.
في الإمارات والسعودية، تم إنشاء مزارع عمودية متطورة تستخدم تقنيات الزراعة بدون تربة وتستهلك مياه أقل بنسبة 95% من الزراعة التقليدية. هذه المزارع تنتج محاصيل طازجة على مدار العام وتوفر جزءاً كبيراً من احتياجات السوق المحلي من الخضروات الورقية. وفي مصر، تم تطوير مشاريع زراعية عملاقة في صحراء الوادي الجديد باستخدام أنظمة الري الذكية والطاقة الشمسية، مما ساهم في زيادة الرقعة الزراعية وتحقيق فائض في بعض المحاصيل الاستراتيجية.
شمال أفريقيا يشهد هو الآخر تطوراً ملحوظاً في مجال الزراعة المستدامة، حيث تم إدخال تقنيات حصاد المياه وتحلية مياه البحر للاستخدام الزراعي، كما تم تطوير أصناف جديدة من المحاصيل تتحمل الجفاف والملوحة. وفي مجال الثروة الحيوانية، تم إنشاء مزارع متطورة تستخدم أنظمة التبريد بالطاقة الشمسية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لمراقبة صحة الحيوانات وتحسين إنتاجيتها.
هذه الثورة الزراعية لم تقتصر على زيادة الإنتاج، بل شملت إنشاء صناعات غذائية متكاملة تعتمد على المنتج المحلي، مما وفر فرص عمل جديدة وساهم في تنمية المناطق الريفية. كما أدت إلى خفض فاتورة استيراد الغذاء وتحسين الميزان التجاري للعديد من الدول العربية. تشير التقارير إلى أن الاستثمارات في القطاع الزراعي العربي ستتجاوز 100 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة، مما يجعله أحد أهم قطاعات النمو الاقتصادي في المنطقة.
