سد قدوسة المغربي يُعيد رسم الخريطة المائية ويُهدد مشاريع الجزائر الكبرى شرق الحدود


المنشأة الجديدة في حوض وادي كير تُغيّر معادلة تدفق المياه نحو منجم غار جبيلات الجزائري

برز سد قدوسة، الذي شُيّد بأمر ملكي مباشر على الحدود الشرقية للمغرب، كإحدى أبرز المنشآت المائية الجديدة التي لا تقتصر على تدبير الموارد في حوض وادي كير، بل تفتح أيضاً نقاشاً سياسياً حول تأثيره المحتمل على المشاريع الاقتصادية الكبرى في الجهة الغربية من الجزائر.

سد قدوسة وورقة قوة جديدة

كشف تحليل مصور نشرته قناة "Force Atlas" الفرنسية المتخصصة في قضايا الجغرافيا السياسية، أن دور سد قدوسة يتجاوز تأمين الحاجيات المائية للمغرب شرق البلاد، ليُغيّر معادلة تدفق المياه في اتجاه التراب الجزائري. ويُشكل هذا التغيير تحدياً خاصة للمناطق التي يغذيها الوادي ومن ورائها مشروع منجم غار جبيلات.

وأوضح التقرير أن "وادي كير" ينطلق من أعالي الأطلس في المغرب، ثم يعبر الحدود ليغذي فرشات مائية ومناطق فلاحية حيوية في الغرب الجزائري، ويُعد داعماً لمنشآت مرتبطة بنموذج التنمية الذي تعول عليه الجزائر في تلك الجهة. ومع دخول السد إلى الخدمة، أصبح جزء مهم من هذه الموارد يخضع لقدرة تخزين وتحكم أكبر داخل التراب المغربي.

جدوى "غار جبيلات" في خطر

في المقابل، تضع الجزائر رهانات اقتصادية كبيرة على استغلال منجم غار جبيلات الذي يُعد من أكبر حقول الحديد في المنطقة، بأهداف إنتاج بملايين الأطنان سنوياً. غير أن التقرير لفت إلى أن استغلال هذا المنجم يحتاج إلى كميات ضخمة من المياه في عمليات الغسل والمعالجة والفصل. وهذا يجعل أي تغيير في توازنات وادي كير عاملاً مباشراً ومؤثراً في كلفة المشروع وجدواه الاقتصادية.

الماء كـ "مورد سيادي"

يرى مراقبون أن السياسة المائية التي ينتهجها المغرب، من بناء سدود وتوسيع محطات تحلية وربط بين الأحواض، لا تقتصر على مواجهة الجفاف، بل تعكس توجهاً استراتيجياً يجعل من الماء "مورداً سيادياً" لا يقل أهمية عن الطاقة والمعادن.

وخلص التقرير إلى أن سد قدوسة لم يعد مجرد بنية تحتية، بل "عنوان لمرحلة" يتقدم فيها ملف الماء إلى صدارة الأجندة الاستراتيجية في شمال إفريقيا، حيث يصبح من ينجح في تأمين موارده المائية الأكثر قدرة على فرض إيقاعه في معادلات الاقتصاد والسياسة خلال العقود المقبلة.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة