قرارات حكومية وشركة واحدة مستفيدة: قصة “وصال” وإعادة رسم سوق البيع الإلكتروني بالمغرب

شهد قطاع التجارة الإلكترونية في المغرب خلال الأسابيع الأخيرة جدلاً واسعاً بعدما تزامن دخول شركة مرتبطة بسلوى أخنوش، زوجة رئيس الحكومة، إلى السوق مع قرارات حكومية أثرت بشكل مباشر على الفاعلين الصغار. فبينما كان الوسطاء الصغار يعتمدون على منصات دولية مثل Shein وTemu لكسب دخل يومي، فوجئ المغاربة بقرار حكومي يقضي برفع تكلفة الشحن من 10 إلى 170 درهماً، وهو ما أدى عملياً إلى خروج آلاف العاملين في هذا المجال من السوق، بعدما ارتفعت أسعار منتجات كانت تُباع بـ 200 درهم لتتجاوز فجأة حاجز الـ 500 درهم، ما خلّف موجة واسعة من الاستياء لدى المستهلكين.

وبالتوازي مع هذا التغيير، ظهر تطبيق “وصال” المرتبط – وفق ما يتم تداوله إعلامياً – بمشاريع سلوى أخنوش الاستثمارية. التطبيق حصل على تسهيلات استثنائية ومزايا ضريبية غير مسبوقة، ليدخل سوق التجارة الإلكترونية عبر تقديم منتجات مستوردة من الصين بأسعار أعلى، في وقت تم فيه تضييق الخناق على منافسين تقليديين لم يحظوا بالامتيازات نفسها.

هذه التطورات أثارت أسئلة عديدة حول إمكانية تضارب المصالح، خصوصاً بعد تداول معطيات عن استثمارات كبيرة لزوجة رئيس الحكومة في القطاع، تزامنت مع إجراءات حكومية أثرت بشكل مباشر على بنية السوق وعلى الفاعلين الصغار الذين فقدوا مصادر رزقهم بسبب القرارات الجديدة.

اليوم، يجد المستهلك المغربي نفسه أمام سوق تبدو – وفق المنتقدين – مهيكلة لخدمة فاعل واحد يتمتع بدعم تشريعي ومالي غير مسبوق، في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع المنافسة. وهذا الوضع أعاد إلى الواجهة النقاش حول شفافية التسيير الحكومي وضرورة فتح تحقيق مستقل يوضح ما إذا كانت القرارات الأخيرة قد استُغلت لتحقيق منافع تجارية خاصة.

القضية تتجاوز مجرد تجارة إلكترونية؛ فهي، وفق عدد من المتابعين، تعكس نموذجاً جديداً من التداخل بين المال والسلطة، حيث يمكن للقرارات العمومية أن تُعيد تشكيل اقتصاد قطاع كامل، وتحدد قواعد اللعبة بما يخدم مصالح محددة على حساب المستهلكين ومقاولات صغيرة اختفت من السوق.

كما دعا عدد من الخبراء إلى فتح تحقيق مستقل يوضح خلفيات الإجراءات الحكومية وأثرها على المنافسة، معتبرين أن ما يحدث يتجاوز مجال التجارة الإلكترونية ليطرح أسئلة أعمق حول علاقة السلطة بالاقتصاد، وضرورة ضبط آليات الشفافية في القرارات ذات الأثر المباشر على السوق.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة