تعيش مخيمات تندوف جنوب الجزائر على وقع توتر متصاعد، بعد أن أطلقت جبهة البوليساريو حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من الصحراويين الذين عبّروا عن رغبتهم في العودة إلى المغرب، في خطوة أثارت موجة استياء داخلي وحقوقي جديد داخل المخيمات.
وكشف الناشط الجزائري أمير بوخرص، المعروف بـ“أمير دي زاد”، في منشور على صفحته بـ“فيسبوك”، أن العملية شملت أشخاصاً أعلنوا بشكل صريح نيتهم مغادرة المخيمات، مؤكداً أن معلوماته استقاها من مصادر داخل تندوف نفسها.
وبحسب هذه المصادر، جاءت حملة الاعتقالات كرد فعل مباشر من قيادة الجبهة التي تعتبر أي إعلان عن رغبة في العودة إلى المغرب “مؤشراً مقلقاً” يكشف تغيّر قناعات بعض الصحراويين المحتجزين. وتشير المعطيات إلى أن ميليشيات البوليساريو تدخلت بسرعة لإيقاف المعنيين ومنع أي تحرك قد يكسر الصورة التي تحاول الجبهة الحفاظ عليها.
ووفق شهادات متداولة بين نشطاء وحقوقيين، فإن هذه الممارسات ليست جديدة، بل تُعد امتداداً لسياسة التضييق المفروضة على سكان تندوف منذ سنوات، خصوصاً أولئك الذين يحاولون اتخاذ قرارات فردية بشأن مستقبلهم. ويؤكد هؤلاء أن مجرد التعبير عن نية العودة إلى المغرب يُتعامل معه باعتباره “تهديداً” يستوجب المتابعة والرد الأمني.
وفي السياق ذاته، تتعالى تحذيرات عدة من منظمات حقوقية بشأن تدهور وضع الحريات داخل المخيمات، سواء على مستوى حرية الرأي أو الحركة والتنقل، معتبرة أن ما يجري يعكس حالة احتقان داخلي تتفاقم كلما ظهرت رغبة جديدة لدى بعض العائلات في ترك المخيمات.
وتزامنت هذه التحركات مع تواتر شهادات من داخل تندوف تشير إلى رغبة متزايدة لدى عدد من العائلات في إنهاء سنوات من العيش بالمخيمات والعودة إلى المغرب، باعتبار ذلك “خياراً إنسانياً قبل أن يكون سياسياً”. غير أن هذه الرغبات، وفق النشطاء، تصطدم برفض قاطع من قيادة الجبهة لأي خروج منظّم أو معلن.
ومع استمرار الحملة الأمنية، تبدو الأوضاع داخل تندوف مرشحة لمزيد من التدهور، وسط ترقب لما إذا كانت الاعتقالات ستتوسع خلال الأيام المقبلة، وما إذا كان ذلك سيستدعي ردود فعل حقوقية وسياسية على المستويين الإقليمي والدولي.
