فراغ قانوني يهدد حياة سائقي تطبيقات النقل بعد اعتداء وحشي على سائق "إندرايف" بالدار البيضاء
في تصريح قوي يُعد جرس إنذار للسلطات المغربية، حذّر طارق دريوة، الكاتب العام الوطني للمقاولين الذاتيين بالنقابة الديمقراطية للنقل، من المخاطر الجسيمة التي يواجهها آلاف السائقين الشباب في قطاع النقل عبر التطبيقات الرقمية، بعد حادثة مروعة وقعت في ساعات الفجر الأولى بمنطقة عين الذئاب بالدار البيضاء. تعرّض فيها سائق يعمل عبر تطبيق "إندرايف" لاعتداء عنيف أسفر عن حرق سيارته، مما يُبرز هشاشة الوضع المهني والأمني لهؤلاء العمال.
أكد دريوة، في مقال نشره يوم 23 نوفمبر 2025، أن هذه الحادثة ليست مجرد جريمة فردية، بل علامة واضحة على غياب حماية قانونية واجتماعية حقيقية، حيث يعيش القطاع حالة من "الفراغ التشريعي" الذي يترك السائقين عرضة للخطر دون أي دعم. وأشار إلى أن الدولة لم تواكب التطور السريع لهذا القطاع، الذي يعتمد عليه مئات الآلاف كمصدر رزق أساسي، مما يضعهم في "منطقة رمادية" يتحملون فيها المخاطر اليومية وحدهم – سواء حوادث سير أو اعتداءات من ركاب مجهولين، خاصة في ساعات الليل المتأخرة.
أسباب الفراغ القانوني ودور الشركات
يُبرز دريوة، الذي يمثل آلاف السائقين المستقلين، أن الإشكالية تكمن في عدم وجود قوانين واضحة تحدّد العلاقة التعاقدية بين السائق والتطبيق، أو بين التطبيق والعميل. هذا الغياب يفتح الباب للفوضى، حيث تُحمّل الشركات مثل "إندرايف" السائقين مسؤولية كاملة كـ"مقاولين مستقلين"، رغم الاستفادة المالية المباشرة من الرحلات. "الشركات تأخذ أرباحها، لكنها لا تُؤمّن، لا تحمي، ولا تتدخل إلا لتبرئة نفسها قانونياً"، يقول دريوة، مشدّداً على أن هذا النموذج يُعرّض السائقين لمخاطر غير محسوبة، دون تأمين مهني أو آليات تدخل سريع في حالات الطوارئ.
وفقاً لتقارير سابقة، يُعد قطاع النقل عبر التطبيقات في المغرب من أسرع القطاعات نمواً، مع أكثر من 100 ألف سائق يعملون به، لكنه يعاني من تنافس شرس مع سائقي التاكسي التقليديين، مما أدى إلى حوادث احتجاجية سابقة في الدار البيضاء. ومع ذلك، لم يُسجّل تعليق رسمي من الشركة المعنية حتى الآن، رغم مطالبات متكررة بتعزيز الإجراءات الأمنية.
دعوة لإصلاح عاجل ونقاش وطني
يشدّد دريوة على ضرورة إصلاح شامل، يشمل:
- حماية السائقين وتأمين المركبات: فرض تأمين إلزامي مدعوم من الشركات، مع تحميلها جزءاً من المسؤولية القانونية.
- منصات تدخل سريع: إنشاء آليات فورية للتعامل مع الحوادث، بما في ذلك تتبع الرحلات ودعم نفسي للسائقين.
- نقاش وطني مشترك: دعوة الدولة، النقابات، والشركات لمائدة مستديرة لصياغة إطار تشريعي يضمن السلامة والاستقرار المهني، مع التركيز على الشباب الذين يعتمدون على هذا القطاع كوسيلة للعيش الكريم.
يُعد هذا التحذير خطوة نقابية جريئة في وقت يشهد فيه المغرب تحولاً رقمياً سريعاً، حيث يُتوقع أن يصل حجم سوق النقل عبر التطبيقات إلى مليارات الدراهم بحلول 2026. وإذا لم يُتَحْ رَدْعٌ فوري، قد تتكرر مثل هذه الحوادث، مما يُهدّد ليس فقط حياة الأفراد، بل استقرار القطاع بأكمله.
