أول مقابلة لصنصال بعد السجن في الجزائر: اعتقالي كان بسبب موقف فرنسا من الصحراء المغربية

في أول ظهور إعلامي له منذ الإفراج عنه، أدلى الكاتب الفرنسي الجزائري البارز بوعلام صنصال (81 عامًا) بتصريحات مثيرة للاهتمام خلال مقابلة حصرية مع قناة "فرانس 2" الفرنسية مساء الأحد 23 نوفمبر 2025، مع لوران ديلاوس. يأتي هذا الظهور بعد أسابيع قليلة من عفوه الإنساني من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في 12 نوفمبر، عقب عام كامل قضاه في سجن القليعة غرب العاصمة الجزائرية، حيث حُكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهم "المساس بالوحدة الوطنية" و"الإساءة للمؤسسات العمومية" بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.

ظهر صنصال، الذي يعاني من سرطان البروستاتا وتلقى علاجًا في برلين قبل عودته إلى فرنسا في 18 نوفمبر، بشعر قصير وملامح تعكس آثار الإرهاق، لكنه أكد أنه "بصحة جيدة" بعد تلقي رعاية طبية ممتازة. ومع ذلك، أعرب عن شعوره بالقيود الدبلوماسية، قائلًا: "أتحكم في كل كلمة أقولها"، مضيفًا أن حديثه "محدود ومقيّد ومضبوط" بسبب التوترات الجارية بين باريس والجزائر، التي تفاقمت بسبب قضية الصحراء الغربية وعلاقات المغرب مع إسرائيل.

ربط الاعتقال بالتوترات الدبلوماسية

اعتبر صنصال أن اعتقاله في 16 نوفمبر 2024، عند وصوله إلى مطار الجزائر، كان نتيجة "حرب" أُعلنت بين فرنسا والجزائر، مرتبطة بشكل أساسي بموقف باريس الداعم للسيادة المغربية على الصحراء الغربية، الذي أعلنه الرئيس إيمانويل ماكرون في يوليو 2024. وأضاف في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" المنشورة نفس اليوم: "سرعان ما أدركت أن اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء كان السبب الرئيسي لهذه القضية"، مشيرًا إلى أن "كل ما يأتي من فرنسا يزعج السلطات الجزائرية كثيرًا". كما اعتبر زيارته إلى إسرائيل "جريمة مس بالملكية" في نظر السلطات، رغم تأكيده أنه "لم ينتقد الجزائر قط، بل نظامًا وأشخاصًا ودكتاتورية".

رغم ذلك، أعرب صنصال عن دعمه "دائمًا للمصالحة" بين البلدين، معتبرًا أنهما "فوتا الفرصة" بعد استقلال الجزائر عام 1962، ودعا إلى حوار يحترم السيادة مع الدفاع عن المصالح المشتركة.

صدمة الاعتقال وظروف السجن القاسية

روى صنصال تفاصيل اعتقاله بتأثر، واصفًا إياه بـ"الصدمة"، حيث "وضعوا كيسًا على رأسي عند خروجي من المطار، ولمدة ستة أيام لم أعرف أين أنا ولا مع من أتعامل". وصف الحياة في السجن بأنها "قاسية"، حيث "الوقت يمر ببطء"، و"يتعب المرء ويُرهق ويشعر سريعًا بأنه يحتضر"، مضيفًا أنه بعد شهر أو ثلاثة "لا تعرف نفسك بعد". أشار إلى أنه كان "مقطوعًا عن العالم" طوال العام، وعلمه بقرار الإفراج "عشية" ذلك، بعد زيارة "سيد أوتوريتير" يُعتقد أنه من الخدمات السرية، الذي سأله: "في حال خروجك، هل ستستمر في انتقاد الجزائر؟" فرد صنصال: "لم أنتقد الجزائر، بل نظامًا ودكتاتورية".

أعرب أيضًا عن مخاوفه على عائلته، قائلًا: "إذا عدت إلى الجزائر مع زوجتي، أخشى أن يتم اعتقالها هي أيضًا هذه المرة"، مشيرًا إلى أن اعتقاله كان "مزيجًا من عدة عوامل" تشمل الضغوط الدبلوماسية والمواقف السياسية.

السياق الدبلوماسي والدعم الدولي

كانت قضية صنصال محور أزمة دبلوماسية حادة بين فرنسا والجزائر، حيث أدى اعتقاله – الذي رُبط بتصريحاته في أكتوبر 2024 عن تاريخ الحدود الجزائرية-المغربية – إلى حملات دولية للإفراج عنه. استقبله ماكرون في قصر الإليزيه يوم 18 نوفمبر، مشيدًا بشجاعته، وشكر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير على الوساطة الألمانية التي ساهمت في العفو الإنساني، معتمدةً على حالته الصحية وتقدمه في السن. كما أصدر البرلمان الأوروبي قرارًا يدين الاعتقال، ووقع كتابًا مفتوحًا لصالح الإفراج كتاب مثل كمال داوود وسلمى رشدي ومنظمة "بن إنترناشيونال".

ومع ذلك، لا تزال قضية الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز معلقة، حيث حُكم عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة "تمجيد الإرهاب"، ومن المقرر محاكمته في الاستئناف يوم 3 ديسمبر، مما يُبقي التوترات قائمة.

يُعد هذا الظهور خطوة مهمة في عودة صنصال إلى الحياة العامة، حيث يُتوقع أن يستمر في كتاباته الناقدة للأنظمة الاستبدادية، مع الحفاظ على توازن دقيق في ظل السياق السياسي الحساس.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة