عادت جرافات الهدم صباح اليوم الاثنين إلى موقع ما بات يُعرف إعلامياً بـ“قصر الكريملين” بمنطقة بوسكورة في الدار البيضاء، لمواصلة عملية الإزالة الكاملة للبناية المثيرة للجدل، رغم الزخم الإعلامي الكبير الذي رافق هذا الملف خلال الأسابيع الماضية.
ورغم الخلافات القانونية التي أثيرت حول المشروع، وُاصلت عملية الهدم دون توقف. ففي ندوة صحفية بالدار البيضاء، اعتبر محامي صاحب المشروع أن ما يحدث “شطط في استعمال السلطة”، مشدداً على أن القصر يتوفر على رخصة بناء قانونية تحت مسمى “قصر الضيافة”، وفق تعبيره.
وأوضح المحامي أن الملف عُرض على القضاء سنة 2021، حيث قضت المحكمة بغرامة مالية وبإرجاع الوضع إلى ما كان عليه. وأضاف أن موكله لجأ إلى مسطرة التنفيذ التلقائي، وهو ما وثقته السلطة المحلية بمحضر رسمي، كما حرر المستثمر محضراً آخر بواسطة مفوض قضائي. ووجّه المحامي انتقاداً شديداً إلى الجهة التي أشرفت على الهدم قائلاً: “أنت ما وثقتيش فالسلطات القضائية، وجيتي وهدمتي وتعسّفتي ودخلتي”.
وفي سياق متصل، شهدت بوسكورة زلزالاً إدارياً غير مسبوق بعد قرار عامل إقليم النواصر، جلال بنحيون، توقيف باشا المنطقة عن مهامه، وتكليف إبراهيم العنتري بتسيير الباشوية بالنيابة، مع إلحاق الباشا الموقوف بالعمالة “بدون مهمة”.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن هذا القرار جاء على خلفية شبهات تتعلق باختلالات في تطبيق المساطر القانونية، ولا سيما تلك المرتبطة بزجر مخالفات التعمير وهدم المباني غير القانونية. وكان إيقاف عملية هدم “قصر الكريملين” أحد أبرز الشرارات التي فجّرت هذا القرار، بعدما أثار توقيف الأشغال حينها علامات استفهام واسعة داخل الإدارة الترابية.
ويعتبر القصر المذكور من البنايات التي لم تستوفِ شروط التعمير، إذ وُجهت إليه انتقادات بسبب خروقات مرتبطة بالتراخيص واستغلال العقار.
وتزامن هذا الحدث مع حملة واسعة تشنها سلطات الإقليم منذ أسابيع ضد البناء العشوائي واستغلال المستودعات في أنشطة غير قانونية. وشملت الحملة عدداً من المناطق كأولاد عزوز ودار بوعزة وأولاد صالح والنواصر، إضافة إلى بوسكورة، حيث تم ضبط مستودعات تستغل في صناعات غير مهيكلة كالأكياس البلاستيكية ومواد التنظيف، بعضها يعود لمنتخبين أو أقاربهم.
وتأتي هذه الإجراءات في سياق سلسلة من القرارات الردعية التي شملت، قبل أشهر، عزل رئيس جماعة بوسكورة، بوشعيب طه، وثلاثة من نوابه، بناء على تقارير تفتيش رصدت اختلالات جسيمة في مجال التعمير.
وتعكس التطورات الأخيرة تشدد السلطات الإقليمية في فرض احترام القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصاً في قطاع التعمير الذي يعرف توسعاً عمرانياً متسارعاً وضغطاً كبيراً في منطقة النواصر.
