شهدت العاصمة التونسية، السبت، خروج أكثر من ألفي متظاهر من نشطاء وسياسيين ومواطنين، في مسيرة حاشدة للدفاع عن الحريات السياسية والمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، في تحرك هو الأكبر منذ أشهر، وفق مراقبين وصحافيي وكالة فرانس برس.
وانطلقت المسيرة تحت شعار "ضد الظلم"، بدعوة من هيئة الدفاع عن القاضي والمحامي السابق أحمد صواب، المعتقل بسبب انتقاداته للنظام القضائي، حيث سار المحتجون لأكثر من ساعتين في شارع الحبيب بورقيبة، مرّوا خلالها بعدة محطات رمزية.
وتوقف المتظاهرون أمام مقر المجمع الكيميائي التونسي الذي تُحمّله فعاليات حقوقية مسؤولية التلوث في مدينة قابس، كما مرّوا أمام النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التي كانت قد نددت قبل يومين بما وصفته بـ"موجة غير مسبوقة من التضييق على حرية الصحافة والتعبير".
ورفع عدد من المحتجين لافتات وشعارات تطالب بـ"الحرية" واحتجّ آخرون بارتداء ملابس سوداء وحمل صافرات وشريط أحمر، فيما انضم نشطاء من أحزاب معارضة دون حمل أي شعارات حزبية.
وطالب المشاركون بالإفراج عن عشرات النشطاء والمعارضين والصحافيين والمحامين والعاملين في المجال الإنساني الذين اعتُقلوا خلال السنوات الأخيرة بتهم "التآمر على أمن الدولة" أو بموجب المرسوم 54 الخاص بمكافحة الأخبار الكاذبة، والذي ترى منظمات حقوقية أن صياغته الفضفاضة تستغل لتقييد التعبير وقمع المنتقدين.
وقال نقيب الصحافيين زياد دبار إن "التوقيفات متواصلة والصحافيون يعيشون حالة خوف حقيقية بسبب المرسوم 54"، مضيفًا أن المرحلة الحالية هي "الأسوأ على الصحافة منذ الثورة".
من جهته، اعتبر الصحافي مهدي الجلاصي أن المرسوم 54 أصبح "سيفًا مصلتًا على رقاب الصحافيين والمواطنين"، مندّدًا بـ"قوانين ظالمة" ومحاكمات بالعشرات.
أما صائب صواب، المتحدث باسم اللجنة المنظمة، فرأى أن تونس "تعيش وضعًا سوداويًا على جميع المستويات"، مشيرًا إلى وجود "سجناء سياسيين وصحافيين" بالإضافة إلى "ملف التلوث البيئي في قابس"، مؤكدًا أن الهدف هو "توحيد كل النضالات المدنية".
وتوقفت المسيرة قرب مسبح جرى تجديده بأمر رئيس الجمهورية، في خطوة رآها المنظمون رمزًا لـ"غياب الإنجازات خلال ست سنوات"، قبل أن يشعل المحتجون قنابل دخانية حمراء.
وقالت منية إبراهيم، زوجة الناشط المسجون عبد الحميد الجلاصي، إنها تحمل سلة مشابهة لتلك التي تقدم فيها عائلات الموقوفين الطعام خلال الزيارات، للتذكير بمعاناة المعتقلين.
ورافق المسيرة عشرات أفراد الأمن بالزي المدني، بينما عمد المحتجون إلى تغيير مسارهم عدة مرات، ما أربك القوات الأمنية. وردد المشاركون شعارات من بينها "الشعب يريد إسقاط النظام"، ورفع بعضهم لافتات كتب عليها "ليس رئيسي" في إشارة إلى الرئيس قيس سعيد الذي استأثر بالسلطات منذ قرارات 25 يوليو 2021.
وعبّرت ناجية عجمي، 63 عامًا، عن تدهور الأوضاع المعيشية قائلة: "البلد غارق في البؤس، القدرة الشرائية منهارة، والمستشفيات في حالة سيئة… لقد سئمنا". واشتكى تونسيون من استمرار التضخم رغم انخفاضه إلى 5% بعد بلوغه 10% العام الماضي، خاصة في أسعار المواد الغذائية.
من جهتها، قالت أمل، طبيبة نفسية متقاعدة، إنها نزلت للشارع احتجاجًا على "التعسف" ووجود أشخاص "في السجون لمجرد إبداء رأيهم"، مشيرة إلى أن القضايا المرفوعة ضدهم "تتجدد بشكل ممنهج لمنع الإفراج عنهم".
كما ندد الحرفي هشام لحمر (45 عامًا) بواقع "الفقر، التضخم، سجون ممتلئة، وغياب تام لحرية التعبير"، مطالبًا برحيل الرئيس قيس سعيد والدعوة إلى انتخابات جديدة.
