البرتغال تشهد أكبر إضراب منذ 12 عاماً احتجاجاً على إصلاح قانون الشغل وشلل في النقل والخدمات العمومية...

شهدت البرتغال اليوم، إضراباً عاماً واسعاً شلّ الحركة في مختلف أنحاء البلاد، في أكبر تحرك اجتماعي منذ اثني عشر عاماً، احتجاجاً على مشروع إصلاح قانون الشغل الذي ترى فيه النقابات تهديداً مباشراً لحقوق العمال ومكتسباتهم.

وأدى الإضراب إلى اضطرابات ملموسة في وسائل النقل العمومي، وإرباك خدمات المدارس والمستشفيات، مع تأثير واضح على المرافق الحيوية والأنشطة اليومية للمواطنين. فقد بدت محطات القطار في لشبونة شبه فارغة، بينما أظهرت شاشات الإعلانات إلغاء عدد كبير من الرحلات. وفي الوقت الذي جرى فيه ضمان الحد الأدنى من الخدمات في القطارات والعبّارات بنهر تاجة، بقيت محطات مترو العاصمة مغلقة بالكامل.

كما شملت التداعيات توقف خدمات جمع النفايات في عدة مناطق، وتعليق بعض المستشفيات لخدماتها غير المستعجلة، وفق بيانات للكونفدرالية العامة للعمال البرتغاليين. ويعد هذا الإضراب الأوسع منذ سنة 2013، حين كانت البلاد ترزح تحت أزمة الدين وتخضع لشروط تقشفية صارمة.

الاحتجاجات تأتي رفضاً لمشروع إصلاح قانون العمل الذي قدمته الحكومة اليمينية ذات الأقلية في يوليوز الماضي، والذي يقترح تبسيط مساطر الطرد، وتمديد العقود محددة المدة، ومنح الشركات مرونة أكبر في تنظيم ساعات العمل، إلى جانب توسيع نطاق “الخدمات الأساسية” المسموح بتأمينها أثناء الإضرابات.

ورغم الانتقادات، دافع رئيس الوزراء لويس مونتينيغرو عن المشروع، مؤكداً أنّ الهدف هو تعزيز النمو الاقتصادي وتوسيع قاعدة فرص الشغل بما يتيح تحسين الأجور.

لكن الكونفدرالية العامة للعمال البرتغاليين تصف الإصلاح بأنه “هجوم غير مسبوق على الحقوق الاجتماعية”، وفق تصريح أمينها العام تياغو أوليفيرا، الذي اتهم الحكومة بالسعي إلى "تطبيع الهشاشة" وتسريع وتيرة الطرد وتمرير مزيد من المرونة لصالح أرباب العمل. وأوضح أن الإضراب سيكون أكثر تأثيراً في قطاعات النقل والخدمات العمومية كالتعليم والصحة والعدل.

وشهدت الحركة انضمام نقابات من القطاع الخاص أيضاً، في وقت أعلنت فيه شركة الطيران البرتغالية أنّها ستؤمن فقط ثلث رحلاتها اليومية البالغ عددها 250 رحلة، ما ينبئ باضطراب كبير في النقل الجوي.

وأظهر استطلاع صحفي أن 61% من البرتغاليين يدعمون الإضراب. في المقابل، اعتبر رئيس اتحاد رجال الأعمال أرماندو مونتيرو أنّ تحرك النقابات "متسرع"، مؤكداً أن المشروع الحكومي يشكل فقط "منطلقاً للنقاش" ويهدف إلى تعديل اختلالات خلفتها إصلاحات سنة 2023 التي انحازت لحماية العمال.

ورغم غياب الأغلبية البرلمانية للحكومة، إلا أن دعم الحزب الليبرالي واليمين المتشدد يمنحها هامشاً واسعاً لتمرير التعديلات. ويصر رئيس الوزراء على أن الظرف الاقتصادي الإيجابي — بنمو يقترب من 2% وبطالة في أدنى مستوياتها (نحو 6%) — يمثل فرصة مناسبة لإصلاح قانون الشغل.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة