بدأت بالأمس في العاصمة الإسبانية مدريد، الدورة الـ13 للاجتماع الرفيع المستوى بين الحكومتين المغربية والإسبانية، برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش ونظيره بيدرو سانشيز، في محطة تُعَدُّّ تتويجًا لمسار تصاعدي في العلاقات الثنائية منذ خارطة الطريق لأبريل 2022، بعد أزمة دبلوماسية غير مسبوقة محورها قضية الصحراء. وتترقب الأنظار نتائج الاجتماع، الذي يُرْكِزْ على الاتفاقيات الاقتصادية (14 اتفاقية مُوَقَّعَةْ اليوم)، لكنه يُخْفِيْ مباحثات مغلقة حول قضايا سيادية حساسة مثل الحدود البحرية للأقاليم الجنوبية، المجال الجوي، وسبتة ومليلية، حيث يُشِيرْ الرباط إلى أن "حان وقت الحسم"، مدعومًا بقرار مجلس الأمن 2797 (31 أكتوبر 2025) الذي يُعَدُُّ مقترح الحكم الذاتي "الحل الأكثر جدية وواقعية".
الاجتماع الـ13: تتويج لـ3 سنوات من الدفء الدبلوماسي
جاء هذا الاجتماع بعد 3 سنوات من الدورة الـ12 في الرباط (فبراير 2023)، التي أعادت الدفء بعد 8 سنوات انقطاع بسبب أزمة 2021 حول الصحراء، مُسْتَيْنَافًاْ خارطة 2022 التي أعلنت دعم إسبانيا للحكم الذاتي كـ"الحل الأكثر مصداقية"، مُؤَكِّدَةً أهمية القضية للرباط. سبقه منتدى اقتصادي مغربي-إسباني يوم 3 ديسمبر، شهد مشاركة 500 رجل أعمال، مُرْكِزًاْ على الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الطاقة المستدامة، والتغير المناخي، مع التأكيد على "الازدهار المشترك" الذي يُعَزِّزْهْ الجالية المغربية في إسبانيا (335 ألف مساهم في الضمان الاجتماعي).
14 اتفاقية جديدة: تعزيز الشراكة الاقتصادية والاجتماعية
أسفر الاجتماع عن توقيع 14 اتفاقية، تشمل:
- اتفاقية إدارية دولية
- 11 مذكرة تفاهم (MOUs)
- إعلانين عن نوايا مشتركة
تركز على التعاون في الصحة، السياحة، الطاقة، والتعليم، مع التأكيد على "الروابط الإنسانية" التي تجعل إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب (صادرات إسبانية إلى المغرب: 12.859 مليار يورو في 2024، واردات: 9.834 مليار يورو).
الملفات الحساسة: الترقب لـ"الخطوة الموالية" في الصحراء والحدود
رغم التركيز الاقتصادي، تُخْفِيْ المباحثات المغلقة قضايا سيادية عالقة منذ 2022، مثل:
- الحق في الصحراء: قرار مجلس الأمن 2797 يُعَدُُّ الحكم الذاتي "الحل الأكثر قابلية للتطبيق"، مما يُعِزْزْ موقف الرباط، ويُثِيرْ قلق مدريد من "تنازلات إضافية".
- الحدود البحرية والجوية: النقطة 7 من خارطة 2022 تُطَالِبْ بـ"تحديد المجال البحري الأطلسي" و"تدبير المجال الجوي"، لكنها مؤجلة منذ 3.5 سنوات، مع مخاوف إسبانية من "ضياع" إدارة الجو المدني (العسكري مغربي عمليًا) وسبتة/مليلية.
جبل تروبيك: الثروة المعدنية المتنازع عليها
يُضِيفْ جبل تروبيك (Tropic) – البركان الخامد على عمق 1000 متر جنوب جزر الكناري (500 كم من إل هييرو، 100 كم من الصحراء) – بُعْدًا اقتصاديًا حاسمًا، حيث يحتوي على:
- التيلوريوم: 2670 طن (10% من الاحتياطي العالمي، للألواح الشمسية والإلكترونيات).
- الكوبالت: كميات 54 ضعف المخزون العالمي الحالي، كافية لـ270 مليون سيارة كهربائية.
- معادن أخرى: الباريوم (5.6 كجم/م³)، الفاناديوم (3.6 كجم)، النيكل (2.9 كجم)، الرصاص (2.1 كجم).
تُعَدُُّ إسبانيا الجبل "ملكًا لها" بناءً على تربتها المتشابهة مع الكناري، لكن المغرب يراه جزءًا من جرفه القاري، مما يجعله "ورقة تفاوضية"، خاصة مع قرار الأمم المتحدة 2020 الذي يدعم ترسيم الحدود البحرية.
صحيفة "إلموندو" الإسبانية حذَّرَتْ من "سلسلة تنازلات" من سانشيز، رابطةَْ جبل تروبيك بجزر الكناري، معتبرةَْهُ "خناقًا اقتصاديًا"، بينما يرى الرباط أن الحسم ضروري لتعزيز السيادة، خاصة مع قرار الأمم المتحدة.
يُعَدُّ هذا الاجتماع اختبارًا لمتانة الشراكة، حيث يُطَالِبْ الرباط بـ"الخطوة الموالية" في السيادة، بينما تُخْشَىْ مدريد "التنازلات" الاقتصادية، لكن الاتفاقيات الـ14 تُشِيرْ إلى مسار تصاعدي، مُعْزِزًاْ التعاون الإفريقي المشترك.
