ريديت ترفع دعوى أمام المحكمة العليا الأسترالية: الحظر على الأطفال تحت 16 عامًا يُنْتَهِكْ حرية التواصل

رفعت منصة ريديت، موقع المنتديات النقاشية الشهير، دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الأسترالية يوم الجمعة 12 ديسمبر 2025، مُطَالِبَةْ بإلغاء الحظر الجديد على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال تحت 16 عامًا، الذي بدأ تطبيقه قبل يومين فقط، معتبرةً إياه انتهاكًا لحرية الخطاب السياسي المستمدة من الدستور الأسترالي. هذه الدعوى، الثانية من نوعها بعد طعن رفعَتْهُ مراهقتان تمثلان جماعة ليبرالية في نوفمبر 2025، تُثِيرْ جدلًا واسعًا حول فعالية الحظر العالمي الأول، الذي يُعَدُُّ خطوة رائدة لحماية الأطفال من الأذى عبر الإنترنت، لكنه يُوَاجِهْ تحديات دستورية وتقنية.

أساس الدعوى: انتهاك لحرية الخطاب السياسي

في مذكرتها القضائية، اعتَبَرَتْ ريديت أن القانون (المعروف بـ"قانون الحد الأدنى للعمر في وسائل التواصل الاجتماعي" أو SMMA) باطل لأنه يتعارض مع "مبدأ حرية التواصل السياسي" المستمد من الدستور الأسترالي، الذي يُكَفِّلْ حرية التعبير لضمان "خيار انتخابي حر ومُعْلَمْ". أكَّدَتْ المنصة أن الحظر يُقَيِّدْ حقوق الأطفال في التعبير عن آرائهم السياسية، مُشِيرَةْ إلى أن "آراء الأطفال تُؤَثِّرْ على اختيارات الناخبين الحاليين، بما في ذلك آبائهم ومعلميهم، وغيرهم المهتمين بآراء من سيصلون إلى سن الرشد قريبًا". كما طالبَتْ ريديت باستثناء نفسها من الحظر، مُدَّعِيَةْ أنها "لا تندرج ضمن تعريف وسائل التواصل الاجتماعي"، لأنها منتديات نقاشية تُرْكِزْ على المحتوى البالغين (تصنيف 17+ في أبل ستور)، وأن معظم المحتوى متاح دون حساب، مما يجعل الحظر "غير فعال في تقليل الأذى"، ويُقَيِّدْ الحرية دون فائدة حقيقية.

أكَّدَتْ ريديت في بيانها أنها "تدعم حماية الأطفال"، لكن "هناك طرق أكثر فعالية لتحقيق ذلك دون انتهاك خصوصية الجميع وتعبير سياسي"، مُشِيرَةْ إلى أن الحظر "يُقَيِّدْ حرية التعبير للجميع، بما في ذلك البالغين الذين يتفاعلون مع محتوى الأطفال".

السياق: أول حظر عالمي.. وطعون متتالية

يُعَدُّ هذا الحظر، الذي أقرَّتْهُ الحكومة الأسترالية في نوفمبر 2024 ودخل حيز التنفيذ في 10 ديسمبر 2025، أولًا من نوعه عالميًا، ويُلْزِمْ 10 منصات رئيسية (بما في ذلك ريديت، فيسبوك، إنستغرام، تيك توك، سناب شات، وتويتر/X) بتحديد 16 عامًا كحد أدنى لإنشاء الحسابات، مع غرامات تصل إلى 50 مليون دولار أسترالي (32 مليون دولار أمريكي) للمخالفين. يأتي الطعن الثاني بعد دعوى رفعَتْهَا مراهقتان (15 و16 عامًا) تمثلان جماعة "مشروع الحرية الرقمية" (Digital Freedom Project) في نوفمبر 2025، مُدَّعِيَاتْ أن الحظر "يُقَيِّدْ حقوق التعبير"، ويُعَدُُّ "غير فعال" لأن معظم المحتوى متاح دون حساب، ويُؤَثِّرْ سلبًا على الأطفال من المجتمعات الريفية أو LGBTQ+ الذين يعتمدون على التواصل الاجتماعي للدعم.

أكَّدَتْ لجنة eSafety، المسؤولة عن التنفيذ، أنها أرسلتْ إشعارات إلى الـ10 منصات يوم الخميس للتحقق من عدد الحسابات المُحْذَفَةْ، وأن الحظر "يحمي الأطفال من الأذى"، رغم تسريبات عن سهولة الالتفاف عليه عبر VPN أو حسابات مزيفة. رحَّبْتْ الحكومة الأسترالية بالطعون كـ"فرصة للتوضيح"، مُؤَكِّدَةْ أنها "ستدافع عن القانون بشراسة"، بينما أعرَبْتْ لجنة حقوق الإنسان الأسترالية عن "دعمها للحماية" لكن "قلقها من التأثير على الحريات".

السياق العالمي: حماية الأطفال أم قمع الحريات؟

يُعَدُّ هذا الحظر، الذي أقرَّتْهُ حكومة أنتوني ألبانيز في نوفمبر 2024، أولًا عالميًا، ويُلْزِمْ المنصات بفحص العمر عبر تقنيات التعرف (مثل الوجه أو الوثائق)، مع غرامات تصل إلى 50 مليون دولار أسترالي. يأتي الطعنان في سياق جدل دولي، حيث جَرَّبَتْ فلوريدا (أمريكا) حظرًا مشابهًا في 2024، وأقرَّتْ الاتحاد الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي" لتنظيم المنصات، بينما تُطَالِبْ منظمات مثل "أمنستي إنترناشونال" بـ"حلول أقل تقييدًا" لحماية الأطفال دون انتهاك الخصوصية.

في النهاية، تُمَثِّلْ دعوى ريديت اختبارًا للتوازن بين حماية الأطفال وحرية التعبير في عصر الذكاء الاصطناعي، وسيُقَرِّرْ المحكمة العليا مصير الحظر، الذي أدى إلى حذف مئات الآلاف من الحسابات في يومين، لكنه يُوَاجِهْ سهولة الالتفاف عليه عبر VPN أو حسابات مزيفة، كما أفادتْ تقارير الـeSafety. الرأي العام الأسترالي منقسم، مع 65% يدعمون الحظر (استطلاع رويترز)، لكن 40% من الشباب يرونه "قمعًا للحريات".

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة