الجزائر تتصدر قائمة الدول الأكثر حجزًا لأموال شركات الطيران العالمية بـ307 ملايين دولار...

تربعت الجزائر على صدارة قائمة الدول الأكثر حجزًا لأموال شركات الطيران العالمية، وفق معطيات حديثة صادرة عن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، الذي كشف أن قيمة الأموال المجمدة في الجزائر بلغت 307 ملايين دولار إلى حدود نهاية أكتوبر 2025، وهو أعلى رقم مسجل عالميًا.

وأوضح الاتحاد، في تقرير مفصل، أن إجمالي الأموال المحجوزة على شركات الطيران عبر العالم بلغ نحو 1.2 مليار دولار، تستأثر إفريقيا والشرق الأوسط بنسبة 93 في المائة منها، في مؤشر واضح على حدة القيود المفروضة على تحويل العملات في هذه المناطق.

وأشار التقرير إلى أن الجزائر تصدرت، لأول مرة، هذه القائمة، بعد تسجيل زيادات كبيرة خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة تشديد مساطر الموافقة على تحويل الأموال، وفرض إجراءات إضافية من طرف وزارة التجارة الجزائرية، وُصفت بأنها معقدة وغير ضرورية.

ودعا الاتحاد الدولي للنقل الجوي السلطات الجزائرية إلى تخفيف القيود المفروضة على شركات الطيران، معتبرا أن استمرار حجز الإيرادات يعيق نشاط النقل الجوي، ويؤثر سلبًا على الربط الجوي والاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، نقل التقرير تصريح المدير العام للاتحاد، ويلي والش، الذي شدد على أن شركات الطيران تحتاج إلى وصول منتظم وموثوق إلى عائداتها بالدولار لضمان استمرارية عملياتها والوفاء بالتزاماتها، مذكّرًا بأن الاتفاقيات الثنائية تلزم الحكومات بضمان حرية تحويل أموال الناقلات الجوية.

وربط الاتحاد بين هذه القيود وعدم الاستقرار الاقتصادي والاعتماد المفرط على العملة الصعبة في عدد من دول المنطقة، وفي مقدمتها الجزائر، التي تعتمد بشكل كبير على مداخيل النفط والغاز، في ظل ضعف تنويع الاقتصاد.

وتشير تحليلات اقتصادية إلى أن هذه السياسات تعكس هاجس الحفاظ على احتياطات العملة الصعبة، ما يفسر تشدد الجزائر في التحويلات المالية، وغياب عدد من الشركات والعلامات الدولية عن السوق المحلية، إضافة إلى أزمات متكررة في الاستيراد، خاصة في قطاعي السيارات وقطع الغيار.

ادخار العملة والإنفاق العسكري

وتذهب قراءات أخرى إلى أن تشديد القيود على خروج الدولار يرتبط أيضًا بسعي الجزائر إلى تأمين التزامات استراتيجية، وعلى رأسها صفقات التسلح، التي تمثل بندًا رئيسيًا في الإنفاق العمومي. إذ تُعد ميزانية الدفاع الأكبر ضمن قانون المالية، مع تخصيص ما يقارب 25 مليار دولار لمشروع ميزانية 2025-2026، متجاوزة بكثير مخصصات قطاعات حيوية كالصحة والتعليم.

وتُبرز هذه المعطيات اختلالًا واضحًا في ترتيب الأولويات، حيث يُرجَّح الإنفاق العسكري على حساب التنمية البشرية وتنويع الاقتصاد، رغم توفر البلاد على موارد طاقية كبيرة.

كلفة اقتصادية مرتفعة

وحذر الاتحاد الدولي للنقل الجوي من أن سياسة تقييد تحويل الأموال، رغم أنها قد توفر هامشًا مؤقتًا للحفاظ على العملة الصعبة، إلا أن كلفتها الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل تبقى مرتفعة، إذ تقوض ثقة المستثمرين، وقد تدفع شركات الطيران إلى تقليص رحلاتها أو الانسحاب من السوق.

وخَلص التقرير إلى أن تسهيل تحويل أموال شركات الطيران لا يخدم فقط مصالح الناقلات، بل يدعم السياحة والتجارة وخلق فرص الشغل، داعيًا الجزائر ودولًا أخرى إلى اعتماد مقاربة أكثر انفتاحًا توازن بين إدارة الندرة وتحفيز النمو الاقتصادي.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة