الجزائر تُفْرِجْ عن 42 مهاجرًا مغربيًا عبر "زوج بغال": دفعة جديدة بعد 25 آخرين.. لكن 550 ملفًا ما زال عالقًا...

أفرجت السلطات الجزائرية، صباح الخميس 11 ديسمبر 2025، عن دفعة جديدة تضم 42 شابًا مغربيًا، بينهم سيدتان، مرشحين للهجرة غير النظامية، وتم ترحيلهم عبر المعبر الحدودي "زوج بغال" الذي فُتِحْ استثنائيًا للمناسبة، في عملية أشرفَتْ عليها الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة (AMSV) بوجدة. يأتي هذا الإفراج بعد أيام قليلة فقط من تسليم دفعة سابقة تضم 25 مهاجرًا، مما يُشِيرْ إلى استئناف الترحيلات المتقطعة رغم التوترات الثنائية، لكن الجمعية تُحَذِّرْ من أن هذا "جزء صغير" من معاناة ممتدة تشمل أكثر من 550 ملفًا عالقًا في السجون والمراكز الإدارية الجزائرية.

وفقًا لمعطيات الجمعية، ينحدر المُرْحَّلُونْ من مدن مغربية متنوعة، بما في ذلك وجدة (12)، فاس (8)، تاونات (5)، الدار البيضاء (4)، بركان (3)، تازة (3)، بني ملال (2)، والرباط (2)، وغيرها، ومنهم من قضى فترات حبس تتراوح بين سنة وثلاث سنوات في سجون جزائرية، بينما مكث آخرون أكثر من ثلاثة أشهر في مراكز الحجز الإداري، مُحْتَجَزِينْ بموجب قانون الهجرة 08-11، الذي يُعَادِيْهُ النشطاء لـ"تعارضه مع المعايير الدولية". أكدْ رئيس الجمعية، حسن عماري، أن "هؤلاء الشباب كانوا عمالًا يدويين أو مرشحين للهجرة، وتعرضوا لمحاكمات سريعة دون حقوق دفاع كاملة"، مُطَالِبًاْ بـ"عفو عام وكشف مصير المفقودين".

تاريخ الترحيلات: جسور استثنائية على حدود مغلقة

تأتي هذه العملية ضمن سلسلة ترحيلات متقطعة عبر "زوج بغال" (المعبر المغربي) و"عقيد لطفي" (الجزائري)، الذي يُفْتَحْ لساعات قليلة فقط منذ إغلاق الحدود في 1994 بسبب التوترات السياسية. في الدفعة السابقة (4 ديسمبر)، تُسَلِّمَتْ 25 مهاجرًا، معظمهم من الشرق والريف، بعد فترات حبس طويلة، وفقًا لتقارير الجمعية. وفي الأشهر الأخيرة:

  • 30 ديسمبر 2024: 60 مهاجرًا (بعد 3 سنوات سجن + سنة إدارية).
  • يناير 2025: 36 شابًا من فاس، وجدة، تازة.
  • فبراير 2025: 31، بينهم شابة واحدة.
  • أبريل 2025: 23 بعد جمود شهر ونصف.
  • مايو 2025: 15 بعد مناشدات للرئيس تبون.

رغم ذلك، تُقَدِّرْ الجمعية أن أكثر من 550 ملفًا ما زال عالقًا، بما في ذلك 260 في الحبس الإداري، و5 محكومين بالمؤبد، و13 بعشرين إلى خمس وعشرين سنة، معظمُهُمْ من بني ملال-خنيفرة والشرق. كما تنتظر عائلات استرجاع 6 جثث مهاجرين توفوا في السجون الجزائرية، منهم فتاتان من الشرق، وفقًا لتقارير الجمعية في أكتوبر 2025.

السياق: معاناة إنسانية وسياسية

هؤلاء المهاجرون، غالبيتهم شباب من المناطق الريفية والشرقية، دخلوا الجزائر بحثًا عن عمل في البناء أو الصناعة، أو كـ"حراكة" نحو أوروبا، فوجدوا أنفسهم متابعين بتهم "الاتجار بالبشر" أو "الهجرة السرية"، مع شكاوى من محاكمات سريعة، حرمان من التواصل مع العائلات، وشروط احتجاز قاسية، كما وثَّقَتْ اللجنة الدولية للصليب الأحمر في زيارتها لمراكز الاحتجاز في 2024. الجمعية، التي راكمت سجلات دقيقة وساهمت في ترحيل أكثر من 1,190 مهاجرًا من الجزائر وليبيا وتونس، واستعادة 41 جثمانًا، تُعِيدْ التأكيد في مراسلتها المرتقبة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر) أن "المهاجرين ليسوا أرقامًا، بل وجوه وعائلات"، مُطَالِبَةْ بتوضيحات حول المفقودين وتسريع الاسترجاع.

على المستوى السياسي، يجد الملف نفسه عالقًا في قلب التوتر المزمن بين الرباط والجزائر منذ 1994، حيث تحول أي عبور – للأحياء أو الأموات – إلى استثناء يحتاج إذنًا خاصًا، وتعقَّدْ بعد قطع العلاقات في 2021. هذه الجسور الاستثنائية، التي تُفتَحْ ليوم أو يومين ثم تُغْلَقْ، تجعل الملفات رهينة ترتيبات تقنية معقدة تتداخل فيها الأجهزة الأمنية والقضائية، والصليب الأحمر، لكنها لا تمحو صورة أوسع عن شروط الاعتقال والمتابعة، ولا عن الحاجة إلى حلول جذرية تتجاوز الإجراءات التقنية لتصل إلى الجذور الإنسانية والسياسية.

في الختام، بينما تُبَشِّرْ عمليات الترحيل المتقطعة بجرعات أمل للعائلات، تبقى مئات الملفات معلقة، وشهادات المُرْحَّلِينْ تروي قصصًا عن محاكمات سريعة وحرمان من الحقوق، مُذَكِّرَةْ بأن الهجرة غير النظامية ليست مجرد "حراكة"، بل مأساة إنسانية تُثْقَلْ بتوترات جيران يُفْصِلْهُمْ جدار سياسي. الجمعية، التي غيَّرَتْ اسمها في مارس 2024 إلى "الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة – المغرب"، تُوَاصِلْ ترافعها الدولي، مُطَالِبَةْ بعفو عام وكشف مصير المفقودين، في خطوة قد تُعِيدْ فتح باب حوار مغلق منذ عقود.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة