سوق المطاحن بين الدعم والهيمنة.. دعوات لإصلاحات بنيوية شاملة

أكد مجلس المنافسة المغربي أن منظومة دعم الخبز تظل ركيزة أساسية في ضبط الأسعار وضمان توفر هذا المنتج الحيوي للأسر الهشة، مسجلًا ارتفاعًا ملحوظًا في إنتاج الخبز المدعم بنسبة 37% بين عامي 2019 و2024. ويعكس هذا النمو الدور المركزي الذي يلعبه الخبز في الاستهلاك اليومي للمغاربة.

ارتفاع الإنتاج وتفاقم الهدر

وأوضح المجلس، ضمن تقريره حول “السير التنافسي لسوق المطاحن بالمغرب”، أن زيادة الإنتاج التي يدعمها استقرار الأسعار وتنظيم المدخلات تجاوزت في بعض الفترات مستوى الطلب الفعلي، ما أدى إلى الإفراط في الاستهلاك وارتفاع حجم الخبز غير المباع. وأكد أن غياب آليات توزيع فعالة وضعف الوعي الاستهلاكي يضاعفان من حجم الهدر الغذائي، مُحدثين خسائر اقتصادية وأثرًا بيئيًا متناميًا.

تحديات هيكلية داخل القطاع

وكشف التقرير عن استمرار عدد من الإشكالات التي تعيق تنافسية السوق، أبرزها وضعية “الدقيق الوطني للقمح اللين” والطاقة الإنتاجية المفرطة في بعض المطاحن. فبينما تمكنت مؤسسات من تنويع مواردها وتقليص اعتمادها على القمح المدعم، ما تزال فئة محدودة تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي لتأمين استمراريتها.

وأشار المجلس إلى أن إلغاء حصة القمح الوطني قد يخفف جزءًا من الاختلالات، لكنه غير كافٍ لمعالجة التحديات العميقة التي يعاني منها القطاع على المستويين التنظيمي والاقتصادي.

إصلاح منظومة الدعم

ودعا المجلس إلى مراجعة شاملة لآلية الدعم، شريطة أن تشمل إصلاحات بنيوية واسعة، تقوم على تشجيع المنافسة الحقيقية، وتحفيز الصادرات، ودعم الابتكار، وتحسين جودة المنتجات. وأبرز التقرير أن الدعم الحالي، رغم دوره في استقرار العرض الوطني، لا يشجع الاستثمارات الجديدة ولا تطوير سلاسل الإنتاج، ما يدفع بعض المطاحن إلى الاكتفاء بالوضع القائم بدل تحسين الأداء.

هيمنة الفاعلين الكبار

وسجّل مجلس المنافسة أن طريقة صرف الدعم تعزز موقع الفاعلين الكبار داخل السوق، على حساب المطاحن الصغيرة والمتوسطة التي تجد صعوبة في التوسع أو دخول السوق من الأصل. كما لاحظ استمرار تفاوت واضح في منح أشكال الدعم، خصوصًا ما يتعلق بالقمح اللين المستخدم في منتجات ذات قيمة مضافة عالية كالمعجنات والحلويات، والتي تُباع بأسعار مرتفعة، الأمر الذي يزيد من اختلال المنافسة داخل القطاع.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة