في خطوة مفاجئة داخل عالم التكنولوجيا، رفض شابان أمريكيان من ولاية ميشيغان، يبلغان 22 عاماً، عرضاً بملايين الدولارات من الملياردير إيلون ماسك عبر شركته xAI للاستحواذ على مشروعهما الواعد في الذكاء الاصطناعي. ورغم الإغراء المالي الكبير، تمسّك المؤسسان، ويليام تشين وغوان وانغ، باستقلاليتهما، مقتنعين بأن مشروعهما قادر على إحداث ثورة حقيقية في هذا القطاع سريع التطور.
الصديقان، اللذان ربطتهما علاقة منذ أيام الثانوية، كانا يتقاسمان شغفاً مبكراً بما يسمّيانه “الأهداف الفوقية”. وانغ كان يطمح إلى ابتكار خوارزمية قادرة على حل أي مشكلة، فيما ركّز تشين على بناء أنظمة هندسية معقدة. وبعد تخرجهما، انتقلا إلى جامعة تسينغهوا في بكين، حيث عملا مع أكاديميين بارزين لتطوير أفكارهما.
هناك، أطلقا نموذجاً لغوياً صغيراً يدعى OpenChat، جرى تدريبه عبر التعلم المعزز على محادثات عالية الجودة. ورغم حجمه المتواضع مقارنة بالنماذج العملاقة في السوق، لفت النموذج الأنظار داخل المجتمع العلمي بسرعة، قبل أن يصل صداه إلى إيلون ماسك الذي حاول الاستحواذ عليه. لكن المؤسسين فضّلا رفض الصفقة.
ويقول تشين في تصريح لمجلة Fortune: “النماذج اللغوية الضخمة بلغت حدودها. نريد بناء معمارية جديدة تتجاوز القيود الحالية للتعلم الآلي”.
هذا الطموح قادهما إلى تأسيس شركة Sapient Intelligence وإطلاق نموذج جديد كلياً: النموذج الهرمي للاستدلال HRM.
ويقوم HRM على بنية ثنائية تكرارية تحاكي آليات التفكير البشري، عبر الدمج بين الاستدلال العميق وردود الفعل السريعة، في ابتعاد واضح عن النماذج التقليدية التي تعتمد أساساً على التنبؤ الإحصائي.
وفي يونيو الماضي، أحدث النموذج الأولي—بحجم لا يتجاوز 27 مليون باراميتر—ضجة غير مسبوقة بعدما تفوق على نماذج لشركات كبرى مثل OpenAI وAnthropic وDeepSeek في اختبارات التفكير المجرد، من بينها حل السودوكو المتقدم، التنقل في المتاهات، ومعيار ARC-AGI المعروف بقياس القدرات شبه البشرية للاستدلال.
وأكد تشين أن HRM “لا يعتمد التخمين، بل يقوم على الاستدلال والتبصر”، مشيراً إلى انخفاض مستوى الهلوسة مقارنة بالنماذج الشائعة، وإلى أدائه القوي في تطبيقات حقيقية تشمل التنبؤات الجوية، التداول الكمي، والمراقبة الطبية.
ويرى خبراء أن رفض عرض ماسك قد يشكل نقطة انعطاف في مسار الشركة الناشئة، خاصة أن المؤسسين يضعان نصب أعينهما هدف الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام AGI، وهو الطموح الأبرز الذي تتنافس عليه كبرى الشركات العالمية.
وتخطط Sapient Intelligence لافتتاح مكتب جديد بالولايات المتحدة لتعزيز انتشارها وتوسيع نطاق عملها، في خطوة تبرز إصرار مؤسسيها على تحدي أقطاب الصناعة ومواصلة تطوير معمارية قد تغيّر مستقبل الذكاء الاصطناعي جذرياً.
