في وقت تعيش فيه ساكنة دوار تفغللت آيت الصغير، التابع لجماعة زاوية أحنصال بإقليم أزيلال، عزلة خانقة بسبب التساقطات الثلجية الكثيفة، وتتفاقم معاناتها اليومية نتيجة انقطاع المسالك وصعوبة التنقل والانخفاض الحاد في درجات الحرارة، اختار رئيس الحكومة عزيز أخنوش قضاء عطلة رأس السنة بين منتجعات جبال الألب الأوروبية، متنقلاً بين سويسرا وفرنسا، بعيدًا عن واقع اجتماعي وإنساني بالغ القسوة داخل الوطن.
هذا المشهد يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى التزام رئيس الحكومة بمسؤولياته الدستورية، خاصة في ظرفية تعرف تحديات طبيعية متكررة، من عزلة دواوير جبلية، إلى فيضانات وانكشاف واضح في البنية التحتية، حيث تُترك ساكنة المناطق المتضررة لمواجهة مصيرها في غياب تدخلات استعجالية وقيادة ميدانية فعالة.
ويعكس هذا الغياب، بحسب متتبعين، نمطًا في تدبير الشأن العام قائمًا على الاعتماد المفرط على الدوائر الضيقة والتقارير الإدارية الجافة، بدل التواصل المباشر مع المواطنين ومعاينة الأوضاع على الأرض، ما يساهم في تعميق الفجوة بين الحكومة والشارع، ويكرّس صورة الانفصال عن الواقع اليومي للمغاربة.
ويزداد هذا الاختيار إثارة للجدل في وقت تتحول فيه المملكة إلى قبلة رياضية وسياحية، سواء من خلال احتضانها لتظاهرات قارية كبرى، أو باستقطابها لنجوم عالميين اختاروا قضاء عطلتهم داخل المغرب، في مقابل توجه رئيس الحكومة نحو وجهات أوروبية فاخرة، في لحظة كان يُفترض فيها تعزيز الحضور المؤسساتي داخليًا.
إن غياب رئيس الحكومة عن مواكبة الأزمات الطبيعية، وعن الإشراف المباشر على الاستعدادات الوطنية الكبرى، لا يمكن اعتباره سلوكًا شخصيًا معزولًا، بل يحمل دلالات سياسية واضحة حول مستوى الإحساس بالمسؤولية، ويؤكد الحاجة إلى قيادة حاضرة، قريبة من المواطن، وقادرة على التفاعل السريع مع الأزمات، بدل الاكتفاء بإدارة الشأن العام من مسافة بعيدة، بينما يعاني المواطن البسيط قسوة البرد والعزلة وغلاء المعيشة.
