أمين التهراوي يكشف تفاصيل إصلاح تدبير “أمو” ويستبعد الدمج الشامل...

أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، أن إصلاح منظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لا يستهدف دمج الأنظمة التأمينية المعمول بها، بل يندرج ضمن مقاربة تقنية تهدف إلى إعادة تنظيم طريقة تدبيرها، بما يضمن الاستمرارية المالية والمؤسساتية دون الإخلال بالتوازنات القائمة.

وخلال عرضه لمشروع القانون رقم 54.23 أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أوضح التهراوي أن جوهر هذا الإصلاح يتمثل في نقل تدبير نظام التأمين الصحي الخاص بموظفي ومستخدمي القطاع العام من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس) إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في خطوة ترمي إلى توحيد جهاز التسيير الإداري دون المساس باستقلالية الأنظمة التأمينية أو خصوصياتها.

وشدد الوزير على أن هذا التحول لا يعني إلغاء الفوارق البنيوية بين أنظمة القطاعين العام والخاص، ولا يشكل مدخلًا تلقائيًا نحو دمج شامل للأنظمة، مؤكداً أن أي توجه مستقبلي في هذا الاتجاه سيظل رهينًا بدراسات دقيقة تهم الاستدامة المالية والتقنية، وتقييم الأثر المحتمل على توازن المنظومة، إلى جانب إعداد إطار تشريعي مستقل يؤطر هذا المسار.

وفي السياق ذاته، أوضح التهراوي أن النقاش حول الدمج، إن طُرح مستقبلاً، لن يقتصر على كنوبس والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بل قد يشمل أنظمة أخرى من بينها “أمو تضامن”، ما يستوجب اعتماد مقاربة تدريجية تراعي الاختلافات الهيكلية والوظيفية بين مختلف الأنظمة.

وبخصوص التعاضديات، أكد الوزير أنها ستواصل أداء مهامها داخل المنظومة خلال المرحلة الانتقالية، مع الإبقاء على الاتفاقيات المعمول بها، موضحاً أن مشروع القانون لا يستهدف تغيير وضعها القانوني، بل يندرج في إطار تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية. غير أنه لم يستبعد مستقبلاً إعادة النظر في أدوارها، عبر توسيع مجالات تدخلها خاصة في الخدمات التكميلية، بما يتيح لها التكيف مع نظام تدبير موحد وأكثر نجاعة.

أما فيما يتعلق بالطلبة، فقد أوضح المسؤول الحكومي أن المشروع ينص على إنهاء نظام التأمين الصحي الخاص بهم، بالنظر إلى استفادتهم الحالية من التغطية الصحية باعتبارهم ذوي حقوق، معتبراً أن الإبقاء على نظام مستقل لم يعد مبررًا لما يسببه من ازدواجية في التمويل. وبالنسبة للطلبة غير المستفيدين، فسيتم إدماجهم ضمن نظام التضامن، مع الالتزام بمراجعة وضعيتهم مستقبلاً بنص قانوني خاص يحفظ مكتسباتهم.

كما يتضمن الإصلاح تمديد سن استفادة الأبناء غير المتزوجين الذين يتابعون دراستهم أو تكوينهم المهني إلى غاية 30 سنة بدل 26، إلى جانب فتح الاستفادة أمام الطلبة الأجانب المسجلين بالمؤسسات التعليمية الوطنية، وفق شروط تضبطها اتفاقيات خاصة.

وعلى الصعيد المالي، أقر الوزير بوجود اختلالات ناتجة عن الفجوة بين حجم الاشتراكات وكلفة الخدمات الصحية، معتبراً أن توحيد التدبير سيساهم في تحسين آليات المراقبة وترشيد النفقات وتطوير منظومة الأداء، دون التأثير على حقوق المؤمنين أو جودة الخدمات المقدمة.

وفي ختام مداخلته، أكد التهراوي أن مشروع القانون يشكل مرحلة انتقالية في مسار إصلاح التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، تقوم على تعزيز الحكامة وتحديث آليات التسيير وتحسين الرقابة، بهدف بناء منظومة تأمينية أكثر عدالة واستدامة، قادرة على مواكبة ورش تعميم الحماية الاجتماعية والاستجابة لتطلعات المواطنين دون المساس بالمكتسبات القائمة.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة