تشكل بطولة كأس إفريقيا للأمم 2025، التي يستعد المغرب لاحتضانها، محطة مفصلية في تاريخ تنظيم التظاهرات الكروية بالقارة الإفريقية، بالنظر إلى القفزة النوعية التي تميز جانب البنيات التحتية والتنظيم، وعلى رأسها توفير 24 ملعبًا مخصصًا لتداريب المنتخبات المشاركة، في سابقة لم تشهدها البطولة منذ انطلاقها.
وتأتي هذه الخطوة في إطار مقاربة تنظيمية مبتكرة تهدف إلى توفير ظروف إعداد مثالية للمنتخبات، مع ضمان مبدأ تكافؤ الفرص والرفع من النجاعة اللوجيستية. ولأول مرة، سيستفيد كل منتخب من المنتخبات الـ24 المتأهلة من ملعب تدريبي خاص، مجهز بكافة الوسائل الضرورية للإعداد البدني والتقني والتكتيكي.
وقد جرى اختيار هذه الملاعب، الموزعة على مختلف جهات المملكة، وفق معايير دقيقة حددتها الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، تشمل جودة البنيات التحتية، وسهولة الولوج، ومعايير السلامة والأمن، إضافة إلى القرب من ملاعب المباريات الرسمية.
وعلى الصعيد الرياضي، يشكل هذا الإجراء رافعة أساسية لتحسين جودة الأداء داخل المستطيل الأخضر، إذ يتيح للمنتخبات التحضير في ظروف متشابهة ومستقرة، ما يعزز التعافي البدني، ويقوي الانسجام الجماعي، ويحد من الإكراهات المرتبطة بالتنقلات التي طالما أثرت سلبًا على جاهزية الفرق في نسخ سابقة.
أما من الناحية التنظيمية، فتضطلع الملاعب التدريبية بدور محوري في إنجاح الجانب اللوجيستي للبطولة، من خلال تسهيل تدبير تحركات المنتخبات، وتعزيز التنسيق مع السلطات المحلية، وضمان انسيابية أكبر في التدفقات البشرية والأمنية، بما ينسجم مع المعايير الدولية المعتمدة في كبريات التظاهرات الرياضية.
ويعكس توفير هذه البنيات أيضًا طموح المغرب في جعل نسخة 2025 مرجعًا قاريا، حيث تندرج الاستثمارات في الملاعب، والمركبات الرياضية، والفنادق، ومراكز الإعداد ضمن رؤية تنموية مستدامة تسعى إلى تثمين المجال الترابي وتعزيز الإشعاع الرياضي والاقتصادي لعدد من المدن والجهات المستضيفة.
كما تندرج هذه الآلية ضمن رؤية أشمل لتطوير كرة القدم الإفريقية، إذ تسعى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، عبر اعتماد نموذج مستلهم من البطولات العالمية الكبرى، إلى تعزيز جاذبية ومصداقية كأس الأمم الإفريقية لدى الجماهير والفاعلين الرياضيين والشركاء المؤسساتيين.
ومع اقتراب موعد انطلاق البطولة، تبدو آلية تخصيص 24 ملعبًا للتداريب مؤشرًا واضحًا على رغبة مشتركة بين المغرب و”الكاف” في الرفع من سقف معايير التنظيم، بما يجعل من كأس إفريقيا للأمم 2025 ليس فقط عرسًا كرويًا إفريقيًا، بل نسخة مرجعية في تاريخ التظاهرات الرياضية بالقارة السمراء.
