وفاة هيثم: صرخة الجالية المغربية ضد "القوة المفرطة".. تحقيق قضائي وسط اتهامات عنصرية وإهمال بروتوكولات

تعالتْ أصوات الاحتجاج في مدينة توريمولينوس بإقليم مالقة جنوب إسبانيا، للمطالبة بالعدالة والتحقيق المستقل في وفاة الشاب المغربي هيثم (35 عامًا)، الذي فارق الحياة يوم الأحد 8 ديسمبر داخل مركز اتصال، بعد تعرضه لصدمات كهربائية من مسدس صاعق استخدمَتْهُ الشرطة الإسبانية، مما أثارَ موجة غضب في الجالية المغربية واتهامات بـ"جريمة قتل عنصرية". أفادتْ وسائل إعلام محلية إسبانية ومغربية أن الوفاة ناتجة عن "نوبة قلبية" بعد العملية التي نَفَذَتْهَا ثمانية عناصر أمن، وسط تضارب في الروايات بين العائلة والشرطة، وتحقيق قضائي يُرْكِزْ على "الاستخدام غير المتناسب للقوة"، خاصة مع تجاهل الشرطة لتوصيات الشركة المصنعة بعدم استخدام الصاعق على الأشخاص المضطربين.

روايتان متضاربتان: سرقة مزعومة أم طلب شاحن هاتف؟

وفقًا لرواية الشرطة الإسبانية (Guardia Civil)، وقع الحادث داخل مركز اتصال في حي "لاس ديليسيوس"، بعد بلاغ عن "محاولة سرقة"، حيث كان هيثم "في حالة اضطراب متقدمة" و"يهدد العناصر بمقص"، مما دفعَ إلى استخدام مسدس الصاعق (Taser) "لتحييد الخطر واعتقاله". أكَّدَتْ الشرطة أن الوفاة ناتجة عن "نوبة قلبية"، وأن الإجراء كان "ضروريًا وفق البروتوكول"، مُشِيرَةْ إلى أن الضحية كان "تحت تأثير المخدرات"، وأن شقيقه لم يُعَانِ مِنْ أي مرض قلبي سابق.

أما عائلة هيثم وأصدقاؤه، فَنَفَوْاْ الرواية الرسمية، مُؤَكِّدِينْ أن الشاب كان "يطلب شاحن هاتف فقط" داخل المركز، وأن الشرطة "استخدمَتْ قوة مفرطة وغير مبررة"، مُشِيرِينْ إلى أنه لم يُكُنْ يُمَارِسْ أي جريمة، وأن الصدمات الكهربائية "القاتلة" أدَّتْ إلى توقف القلب، خاصة مع تجاهل الشرطة لتوصيات الشركة المصنعة للمسدس (Axon) بعدم استخدامه على الأشخاص المضطربين أو ذوي الحالات الصحية غير الواضحة.

التحقيق القضائي: هل كان الاستخدام "متناسبًا"؟

أعلنتْ السلطات القضائية في مالقة فتح تحقيق فوري في الوقائع، لتوضيح ما إذا كانت تصرفات الشرطة تتماشى مع البروتوكولات الإسبانية، التي تحدد استخدام مسدس الصاعق في "حالات الضرورة القصوى" فقط، مع التركيز على "القوة المفرطة" و"الإساءة العنصرية". أُخْضِعَ الثمانية عناصر للتحقيق، وجَرْيَ تشريح جثمان هيثم لتحديد السبب الدقيق للوفاة، وسط مطالب العائلة بـ"تحقيق مستقل" و"تعويضات"، ودعوة الجالية المغربية إلى وقفة تضامنية أمام المركز اليوم.

الاحتجاجات: "عدالة لهيثم".. نمط عنصري يُثِيرْ الغضب

نظَّمَتْ الجالية المغربية وقفة احتجاجية في حي "لاس ديليسيوس" يوم الخميس، شارَكَ فيها عشرات الأشخاص، مُطَالِبِينْ بـ"وقف العنصرية" و"التحقيق المستقل"، مع نصب لافتات تحمل شعارات "عدالة لهيثم" و"لا للقوة المفرطة". أدَّانَتْ شخصيات سياسية مثل نائب برلماني مغربي في إسبانيا، محمد أمين، الحادث بـ"جريمة عنصرية"، مُشِيرًاْ إلى أنه "جزء من نمط" شهدَ وفاة 4 مهاجرين آخرين من أصول أفريقية خلال عمليات شرطية في 2025، بما في ذلك حالة في مدريد في يونيو (خنق شرطي بلدي لمغربي آخر). كما أدَّانَتْ جمعية "مغاربة إسبانيا" (AMCE) الحادث، مُطَالِبَةْ بـ"إصلاح بروتوكولات الشرطة" و"تدريب على التعامل مع المهاجرين".

أثارَ الحادث غضبًا في المغرب، حيث دَعَتْ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH) إلى "تحقيق مشترك مغربي-إسباني"، مُشِيرَةْ إلى أنه "يُذَكِّرْ بمآسي المهاجرين في أوروبا"، وسط حملة على وسائل التواصل بـ"عدالة لهيثم"، جمَعَتْ آلاف التوقيعات. في إسبانيا، أدَّانَتْ منظمة "سوكاريل" (منظمة لمكافحة العنصرية) الحادث كـ"دليل على التمييز العنصري"، مُطَالِبَةْ بـ"إصلاح تدريب الشرطة"، وذَكَّرَتْ بتقريرها لـ2025 الذي وثَّقَ 12 حالة عنف شرطي ضد مهاجرين مغاربة في الأندلس.

في الختام، يُعَدُّ موت هيثم صرخة للعدالة في توريمولينوس، مُذَكِّرَةْ بمخاطر العنف الشرطي تجاه المهاجرين، وسط مطالب بتحقيق مستقل يُكْشِفْ الحقيقة، قبل أن تتحول الوفاة إلى رمز للتمييز في إسبانيا، حيث يُعَانِيْ المغاربة من "القوة المفرطة" كما في 12 حالة وثَّقَتْهَا منظمات حقوقية في 2025.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة