أعلنت وزارة العدل الأمريكية عن نشر الدفعة الأولى من الوثائق المرتبطة بقضية رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا وجدلًا سياسيًا وإعلاميًا، خاصة بعد إقرار الكونغرس قانونًا يُلزم بالكشف الكامل عن هذه الملفات التي ظلت طي الكتمان لسنوات.
وتضم الدفعة الأولى آلاف الصفحات من الصور والوثائق التحقيقية والمواد الأرشيفية، غير أن جزءًا كبيرًا منها جاء مطموسًا أو منقوصًا، الأمر الذي فجّر انتقادات حادة من مشرعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، اعتبروا أن ما تم الإفراج عنه لا يرقى إلى مستوى الشفافية التي وعدت بها وزارة العدل.
وشملت الوثائق أسماء وصور عدد من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والفن والترفيه، من بينها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، والأمير البريطاني أندرو، والممثل كيفن سبيسي، إضافة إلى أسماء فنية معروفة مثل مايكل جاكسون وميك جاغر. غير أن وزارة العدل شددت على أن مجرد ورود الأسماء أو الصور لا يُعد دليلًا على تورط أصحابها في أي أعمال إجرامية.
وفي هذا السياق، جدد مكتب بيل كلينتون نفيه القاطع لأي علاقة له بجرائم إبستين، مؤكدًا أن الصور المتداولة تعود لفترات قديمة، وأن كلينتون أنهى علاقته بإبستين قبل تفجر قضاياه الجنائية. كما سبق للأمير أندرو أن نفى بدوره علمه أو تورطه في أي أنشطة غير قانونية مرتبطة بالملف.
كما ورد اسم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشكل محدود في بعض الوثائق، في إشارة تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، دون أن تتضمن أي اتهامات مباشرة. وأكدت وثائق الدعاوى المدنية بدورها أن أي ضحية لم تتهم ترامب رسميًا بارتكاب مخالفات ذات صلة بالقضية.
ومن أبرز ما كشفته الوثائق، شهادات مؤثرة لضحايا سابقات، من بينهن ماريا فارمر، إحدى أوائل المبلّغات عن ممارسات إبستين، التي تحدثت عن تهديدات وضغوط تعرضت لها منذ التسعينيات، معتبرة أن نشر هذه الوثائق يمثل خطوة أولى نحو إنصاف طال انتظاره.
في المقابل، أكدت وزارة العدل الأمريكية أن مئات الآلاف من الصفحات لا تزال قيد المراجعة، مشيرة إلى أن حماية الضحايا واحترام المساطر القانونية يفرضان اعتماد نهج تدريجي في النشر. غير أن هذا التبرير لم يخفف من حدة الانتقادات داخل الكونغرس، حيث تتزايد المطالب بالكشف الكامل وغير المنقوص عن جميع الوثائق.
وبين هاجس الشفافية وواجب حماية الضحايا، تظل قضية جيفري إبستين واحدة من أكثر القضايا حساسية وتعقيدًا في التاريخ القضائي الأمريكي، مع ترقب واسع لما قد تحمله الدفعات المقبلة من وثائق قد تعيد رسم ملامح واحدة من أخطر شبكات الاستغلال الجنسي في العصر الحديث.
