البلاستيك الدقيق في القارورات… خطر صامت يتسلل إلى أجساد المغاربة

يتصاعد في المغرب خطر التعرض لـ“البلاستيك الدقيق” نتيجة الاستهلاك الواسع للمياه المعبأة في القارورات البلاستيكية، في ظل استمرار شركات كبرى في تسويق هذا المنتج باعتباره خيارًا يوميًا آمنًا، رغم ما تكشفه الدراسات العلمية من مخاطر صحية متزايدة. ويزداد الجدل حين يتعلق الأمر بشركات سبق أن كانت محل مقاطعة شعبية، بسبب ممارسات أثارت الشكوك حول الشفافية وجودة المنتوج.

وتفيد معطيات متطابقة أن إحدى هذه الشركات تعتمد حاليًا على مياه مُصفّاة من منطقة الغرب، في وقت جفّت فيه العين الطبيعية التي ظلت لسنوات تُستعمل في الحملات التسويقية كرمز للنقاء، ما يطرح تساؤلات جدية حول صدقية الخطاب الإعلاني ومدى احترام حق المستهلك في المعلومة.

وفي هذا السياق، تحذر دراسات علمية حديثة، من بينها بحث أشرفت عليه خبيرة إدارة البيئة سارة ساجدي من جامعة كونكورديا الكندية، من أن الاستهلاك المنتظم للمياه المعبأة قد يعرّض الفرد سنويًا لما يقارب 90 ألف جزيء من البلاستيك الدقيق. هذه الجزيئات المجهرية قادرة على التراكم داخل الأعضاء الحيوية، وقد تسهم في إضعاف الجهاز المناعي ورفع مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة، من بينها بعض أنواع السرطان.

ورغم خطورة هذه المعطيات، لا يبدو أن التحذيرات العلمية تلقى الاهتمام اللازم داخل السوق المغربية، حيث تواصل الشركات استثمارها المكثف في الترويج للقارورات البلاستيكية أحادية الاستخدام، دون اكتراث واضح بالآثار الصحية والبيئية بعيدة المدى. كما يتم تجاهل بدائل أكثر استدامة، مثل تعبئة المياه في قوارير زجاجية أو معدنية، لصالح نموذج إنتاج يكرس التلوث ويعمّق المخاطر الصحية.

ويزيد الوضع تعقيدًا استمرار تسويق بعض العلامات التجارية لنفسها كمصدر لمياه طبيعية، في حين تعتمد فعليًا على المعالجة الصناعية، ما يجعل الخطاب الإشهاري أقرب إلى التمويه منه إلى الإخبار، ويضع مصداقية هذه الشركات أمام اختبار حقيقي.

وفي ضوء هذه التطورات، يدعو خبراء ومراقبون إلى تشديد الرقابة على قطاع تعبئة المياه في المغرب، وفرض شفافية أكبر عبر ملصقات واضحة تُعرّف المستهلك بمصدر المياه وطبيعتها، وتحذّر من المخاطر المحتملة للبلاستيك الدقيق. كما يطالبون بمحاسبة الشركات على الأثر البيئي والصحي الكامل لمنتجاتها، بدل ترك صحة المواطنين رهينة لمنطق الربح السريع.

ويبقى السؤال المطروح: إلى متى سيستمر المستهلك المغربي في دفع ثمن صحي وبيئي باهظ، في ظل غياب رقابة صارمة وتجاهل متواصل للتحذيرات العلمية؟

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة