كشف تقرير نشرته مجلة "أفريكا إنتليجنس" الفرنسية المتخصصة في الشؤون الإفريقية (11 ديسمبر 2025) عن تشكل تحالف اقتصادي جديد بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة لتمويل مشاريع كبرى في الأقاليم الجنوبية للمغرب، مستفيدًا من اعتراف واشنطن بسيادة الرباط على الصحراء منذ ديسمبر 2020. يضم التحالف مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية (DFC)، وبنك التصدير والاستيراد الأمريكي (EXIM)، إلى جانب شركات أمريكية كبرى، ويهدف إلى تعزيز الحضور الاقتصادي الإماراتي عبر شراكات استراتيجية طويلة الأمد، مع التركيز على قطاعات حيوية مثل الطاقات المتجددة، تطوير ميناء الداخلة الأطلسي، والبنية التحتية ذات القيمة الجيوسياسية العالية.
التحالف الجديد: DFC وEXIM في الصدارة.. استثمارات بمليارات الدولارات
يُعَدُّ هذا التحالف امتدادًا لدعم أمريكي مستمر للتنمية في الصحراء، حيث وقَّعَتْ DFC اتفاقيات في 2021 لتمويل مشاريع بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار في المناطق الجنوبية، تلتها استثمارات في الطاقة الشمسية والرياح في الداخلة والعيون. أما بنك EXIM، الوكالة الرسمية للائتمان على الصادرات الأمريكية، فيُرْشَحْ للانضمام لدعم مشاريع البنية التحتية، خاصة ميناء الداخلة الأطلسي (تكلفة 12 مليار درهم، افتتاح متوقع 2028)، الذي يُعَدُّ بوابة تجارية لإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
تخطط الإمارات، حسب التقرير، لاعتماد نموذج "مشاريع مشتركة متخصّصة" حسب القطاعات، لتعزيز حماية استثماراتها وتوسيع حضورها الاقتصادي طويل الأمد، مستفيدة من اتفاقيات التبادل الحر مع المغرب ودعم أمريكي مباشر. يأتي هذا في سياق استثمارات إماراتية سابقة في المغرب بلغت 15 مليار دولار في 2024، مع تركيز على الطاقة المتجددة (مثل محطات الرياح في الداخلة) والبنية التحتية، إلى جانب اتفاقيات مع شركات أمريكية مثل "مورغان ستانلي" و"بلاك روك" لتمويل مشاريع في الجنوب.
السياق الجيوسياسي: تعزيز السيادة المغربية.. ورد على الخصوم
يُعَزِّزْ هذا التحالف موقف المغرب في الصحراء، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء في 2020، وفتح قنصليات لأكثر من 30 دولة في الداخلة والعيون، بما في ذلك الإمارات (2020). يُشِيرْ التقرير إلى أن الإمارات تُرَكِّزْ على مشاريع ذات قيمة جيوسياسية عالية، مثل ميناء الداخلة الذي سيُنَافِسْ موانئ الجزائر وموريتانيا، ومحطات الطاقة المتجددة التي ستُغَطِّيْ 52% من احتياجات المغرب بحلول 2030، مع تصدير فائض إلى أوروبا عبر كابلات بحرية.
يأتي هذا التوجه ضمن دينامية دولية متزايدة لدعم التنمية في الصحراء، حيث أعلنتْ الولايات المتحدة في نوفمبر 2025 دعمًا إضافيًا لـDFC بقيمة 2 مليار دولار لمشاريع في الجنوب، تلتها زيارة وفد إماراتي-أمريكي مشترك إلى الداخلة في أكتوبر لدراسة مشاريع مشتركة. كما يُعَدُّ ردًا على حملات الجزائر و"البوليساريو" في الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ضد الاستثمارات في الصحراء، حيث أكدْتْ الرباط أن "التنمية في الأقاليم الجنوبية حق سيادي".
التأثير الاقتصادي: فرص عمل وتنويع الاستثمارات
يُتَوَقَّعْ أن يُخَلِّقْ هذا التحالف آلاف الوظائف في الجنوب، مع تركيز على الشباب (بطالة 25% في الداخلة)، وتعزيز التصدير (فوسفاط، طاقة خضراء، موانئ). الإمارات، التي استثمرتْ 20 مليار دولار في المغرب منذ 2015، تُرَىْ كشريك استراتيجي، خاصة بعد اتفاقيات 2024 لتطوير ميناء الداخلة ومحطات الهيدروجين الأخضر.
في الختام، يُمَثِّلْ هذا التحالف الإماراتي-أمريكي خطوة عملاقة لتعزيز السيادة الاقتصادية المغربية في الصحراء، مُحَوِّلًا المنطقة إلى مركز استثماري إقليمي، وسط تنافس دولي متزايد على الموارد والموانئ في غرب إفريقيا. مع استمرار الاستثمارات، يبقى السؤال: هل ستُسْرِعْ هذه الشراكات التنمية في الجنوب، أم ستُثِيرْ توترات إقليمية جديدة؟
