في خطوة تُثِيرْ جدلًا واسعًا، أعلنت الحكومة المغربية إدخال تعديل على مشروع قانون المالية 2026 يُفْرِضْ إعفاءً جمركيًا وتضريبيًا من استيراد نحو 300 ألف رأس بقر و10 آلاف جمل من الخارج، بهدف تعويض نقص القطيع الوطني بنسبة 30%، وتأمين 80% من استهلاك اللحوم الحمراء. لكن، رغم هذا الإجراء الذي اعتمدته لجان المالية في مجلسي النواب والمستشارين، تتحرك شركات كبرى في مجال اللحوم وتربية الماشية للحصول على تراخيص الاستيراد، في ظل غياب آليات مراقبة تضمن انعكاس التكاليف المنخفضة على أسعار السوق، حيث يظل سعر الكيلوغرام فوق 100 درهم، والكبد يتجاوز 150 درهمًا.
خلفية التعديل: نقص قطيع بنسبة 30%
جاء التعديل ضمن مشروع قانون المالية 2026، الذي أُعْدَدْ في أكتوبر 2025، ليُفْرِضْ إعفاءً من الرسوم الجمركية، الرسم على القيمة المضافة، الرسم على التوطين البنكي، ومساهمة التضامن، للحيوانات الحية من فصيلة الأبقار والجمال المستوردة للذبح. يُغَطِّيْ الإجراء الفترة من 15 أبريل 2025 إلى 30 يونيو 2026، ويهدف إلى إدخال 310 آلاف رأس سنويًا، استنادًا إلى إحصاءات صيف 2025 التي كشفت نقصًا بنسبة 30% في قطيع الأبقار، معتمدًا على أن لحوم الأبقار تُشَكِّلْ 80% من استهلاك اللحوم الحمراء في المغرب.
بررت الحكومة الإجراء بـ"ضمان الإمداد العادي للسوق بأسعار مناسبة"، مشيرةً إلى أن إنتاج اللحوم في المجازر المرخصة يُعَانِيْ من نقص، مما يُؤَثِّرْ على الأسعار. لكن مصادر حكومية أكدت أن التعديل ليس جديدًا تمامًا؛ فهو امتداد لإعفاءات سابقة في 2025 للأغنام خلال عيد الأضحى، والتي كلفت الخزينة 13 مليار درهم دون خفض ملحوظ للأسعار، مما يُثِيرْ تساؤلات حول فعالية الإجراء في 2026.
تحركات الشركات الكبرى: نفس الأسماء والشبهات
علمت "24 ساعة" أن تحركات مكثفة تشهدها شركات كبرى في قطاع اللحوم وتربية الماشية، مثل "لحوم المغرب" و"الشركة الوطنية للجزارة" وغيرها، لتقديم ملفات استيراد، في وقت تُؤَكِّدْ مصادرنا أن "نفس الشركات المعروفة" ستحصل على التراخيص، كما حدث في تجارب سابقة. هذه الشركات، التي سيطرت على 70% من السوق في 2025، استفادت من إعفاءات مشابهة دون انعكاس إيجابي على المستهلك، حيث ارتفع سعر الكيلوغرام إلى 120 درهمًا رغم الدعم الحكومي بمليارات الدراهم.
في السياق، أشارتْ تقارير برلمانية إلى أن الإعفاءات السابقة (2025) لم تُخَفِّضْ الأسعار، بل زادت أرباح الشركات بنسبة 25%، مع هامش ربح يصل إلى 50% على اللحوم المستوردة، بينما يُعَانِيْ المستهلك من ارتفاع الكبد إلى 170 درهمًا للكيلوغرام. ولم تُضَعْ الحكومة آلية مراقبة لضمان انعكاس التكاليف المنخفضة على السوق، مما يجعل القرار "آلية لتخفيض التكاليف على كبار المستوردين وزيادة أرباحهم"، كما يُقَالْ في أوساط تجارية.
الاختلالات السابقة: دعم بمليارات دون خفض أسعار
رغم الاختلالات الكبيرة في تجربة دعم الاستيراد في 2025، حيث استورد المغرب 200 ألف رأس بقر بإعفاءات جمركية بلغت 2 مليار درهم، لم ينخفض سعر اللحم عن 100 درهم، بل ارتفع بنسبة 15% في بعض الأسواق. أكدت إحصاءات وزارة الفلاحة أن القطيع الوطني يُعَانِيْ من نقص 30% بسبب الجفاف والتصدير، لكن الخبراء يُشِيرُونْ إلى أن الاستيراد يجب أن يُرْفَقْ بـ"سعر سقف" للبيع في السوق المحلية، ومراقبة الشركات لمنع الاحتكار. في الوقت نفسه، تُطَالِبْ النقابات الزراعية بتعزيز الإنتاج المحلي بدل الاعتماد على الاستيراد، مُحَذِّرَةْ من "تأثير سلبي على التربية الوطنية".
في النهاية، يبقى السؤال: هل سيُخَفِّضْ هذا الإعفاء الأسعار، أم سيُعِيدْ سيناريو 2025 حيث ذهب الدعم إلى جيوب الشركات الكبرى؟ مع اقتراب 2026، ينتظر المستهلكون إجابة، بينما تتحرك الشركات لاقتسام الكعكة الجديدة.
