أثار تقرير إعلامي حديث انتشر مؤخرا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موجة غضب واسعة بعد الإعلان عن نقل 8 حمير مصابة من قطاع غزة إلى ألمانيا للعلاج الطبي، في مبادرة رُحِّبَ بِهَا من قبل منظمات حماية الحيوانات الإسرائيلية مثل "Starting Over Sanctuary"، بينما تظل سياسات برلين صارمة تجاه طلبات اللجوء الإنساني للأطفال والمرضى الفلسطينيين الذين يواجهون خطر الموت بسبب نقص الرعاية الطبية في القطاع المحاصر. رُسِمَتْ أسماء هذه الحمير – أنّا، إلسا، غريتا، ورودي – في حديقة حيوانات أوبنهايم براينلاند-بفالز، حيث وُصِفَتْ بأنها "جائعة ومُعَذَّبَة"، وأُعْطِيَتْ رعاية فورية، فيما يُقَدَّرُ أن أكثر من 15 ألف فلسطيني – بما في ذلك 4 آلاف طفل – يحتاجون إلى إجلاء طبي عاجل دون حصول سوى اثنين من الأطفال على تصريح علاج في ألمانيا منذ أكتوبر 2023.
خلفية المبادرة: إنقاذ حيوانات في ظل الجوع والحرب
نُقِلَتْ الحمير ضمن عملية إنقاذ إسرائيلية نقلت 50 حميرًا من غزة، حيث أصبحت هذه الحيوانات أداة حيوية لنقل الجرحى والمغذيات بسبب نقص الوقود والطرق المُدْمَرَة، وفقًا لتقارير "الغارديان" في أبريل 2025 التي ذكرت إنقاذ فريق طبي لأكثر من 7 آلاف حمار منذ أكتوبر 2023. وُصِفَتْ المبادرة من قبل حديقة الحيوانات كـ"إنقاذ من الجوع والإساءة"، مع عزل الإسطبل وتوفير بطانيات إضافية لأنها معتادة على الدفء الغزاوي، لكنها أثارت انتقادات لأنها جاءت في غياب أي برنامج مشابه للأطفال الفلسطينيين، الذين يُقَدَّرُ عددهم بالآلاف المحتاجين للعلاج خارج القطاع بسبب تدمير المستشفيات وإغلاق المعابر.
الجدل الإنساني: ازدواجية معايير في سياسات اللجوء
رغم عدم وجود تأكيد رسمي من الحكومة الفيدرالية الألمانية حول الظروف الدقيقة للقرار – الذي يُبْدُو مبادرة خاصة من منظمات مدنية – إلا أنه أثار موجة انتقادات حادة، معتبرين إياه دليلاً على "ازدواجية المعايير" في سياسات الإغاثة. أبرزت منظمات مثل "ميدل إيست مونيتور" أن برلين رفضت خطط مدن ألمانية لاستقبال مئات الأطفال من غزة، مُسَتَنِدَةً إلى "الوضع غير المتوقع" رغم وقف إطلاق النار، و"إجراءات أمنية معقدة" للأقارب المرافقين، بينما منحت جنسية سريعة لإسرائيليين محتجزين في غزة كـ"رهائن ألمان"، ورفضت دخول طفل فلسطيني رضيع في فبراير 2025 بحجة "تهديد أمني"، رغم جوازي والديه.
في وسائل التواصل، انتشرت التغريدات بالآلاف، مثل تلك من @Tamer_Alnoaizy التي قالت: "الحمير أهم من 100 ألف جريح في غزة.. ما نوع عالم هذا؟"، و@khaldunham: "ألمانيا تستقبل 8 حمير مقابل طفلين فقط من آلاف المرضى"، مُثِيرَةً نقاشات حول "القيمة الإنسانية" حيث يُقَدَّرُ أكثر من 16 ألف فلسطيني بحاجة للعلاج الخارجي، بما في ذلك 2 آلاف مُقْطَعِ الأَوْدَادِ و5 آلاف مريض سرطان، وفقًا لمدير مستشفى الشفاء.
مطالب حقوقية: فصل بين رفاهية الحيوانات والالتزامات الإنسانية
طالبَ حقوقيون مثل ستيفن كراش من هانوفر بـ"إعادة تقييم سياسات اللجوء"، مُؤَكِّدِينَ أن المبادرات للحيوانات يجب أن لا تُغَطِّيَ على "الالتزامات الأخلاقية تجاه المدنيين"، خاصة مع رفض دخول 1,218 طلب لجوء فلسطيني منذ 2024 بسبب "الوضع المؤقت غير المستقر". أشارت منظمات الأمم المتحدة في أكتوبر 2025 إلى "قمع النشاط الفلسطيني" في ألمانيا، بينما أكد خبراء أن هذه المفارقة تُعَكِّسُ "ترتيب قيمة الحياة" حيث يُقَدَّرُ الفلسطينيون أقلَّ من الحيوانات، مُطَالِبِينَ بفتح ممرات إنسانية عاجلة للعلاج.
في غياب تصريحات رسمية، يستمر الجدل، مُدْعِيًا إلى إصلاحات في سياسات الهجرة الألمانية لضمان أولوية الإنسانية على الرفاهية الحيوانية، خاصة مع استمرار الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
