وتندرج هذه الدينامية ضمن رؤية شمولية تهدف إلى تعزيز استقلالية القوات المسلحة الملكية في مجال تصنيع العتاد والتكنولوجيات الدفاعية الحديثة، والابتعاد تدريجياً عن التبعية الخارجية، مع السعي إلى توجيه جزء من الإنتاج نحو أسواق التصدير.
وكشف الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، خلال عرضه أمام البرلمان، أن الهدف المركزي يتمثل في بناء منظومة صناعية دفاعية قادرة على الابتكار، الإنتاج، والتسويق الدولي، بما يجعل المغرب فاعلاً صاعداً في هذا القطاع الاستراتيجي.
وعلى مستوى التمويل، ستشهد ميزانية إدارة الدفاع الوطني برسم سنة 2026 ارتفاعاً ملحوظاً لتصل إلى 73 مليار درهم (نحو 7.8 مليار دولار)، بزيادة 4.8٪ مقارنة بالسنة الماضية، تمثل حوالي 4٪ من الناتج الداخلي الخام. وسيُخصَّص ما يناهز 17.7 مليار درهم لتحديث العتاد العسكري ودعم مشاريع التصنيع الدفاعي.
ولتعزيز جاذبية الاستثمار، اعتمدت المملكة إعفاءً ضريبياً مؤقتاً من الضريبة على الشركات لمدة خمس سنوات لفائدة الصناعات الدفاعية، يشمل تصنيع الأسلحة، الذخيرة، الأنظمة الأمنية والعسكرية، ومختلف التجهيزات ذات الصلة.
كما يجري إعداد منطقتين صناعيتين متخصصتين بالكامل في الدفاع، يفترض افتتاحهما قبل نهاية 2026، مع توفير امتيازات ضريبية وجمركية استثنائية وإجراءات مبسطة لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وفي سياق تزايد الاهتمام الدولي، وقّعت شركة "إمبراير" البرازيلية اتفاقية كبرى تتجاوز قيمتها مليار دولار وتمتد إلى غاية 2035، تشمل الطيران المدني والعسكري، وخدمات الصيانة والتكوين. كما دشّنت شركة "تاتا أدفنسد سيستمز" الهندية مصنعاً بمدينة برشيد لإنتاج العربات القتالية المدرعة "WhAP 8×8"، مع خطط لرفع نسبة المكونات المحلية إلى 50٪ عبر دعم شبكة الموردين بالمغرب.
وبهذا المسار التصاعدي، يؤكد المغرب طموحه لترسيخ موقعه كمركز صناعي دفاعي رائد في المنطقة، قائم على نقل التكنولوجيا، تعميق التصنيع المحلي، وبناء استقلالية تدريجية وفعالة في مجال الإنتاج العسكري.
