شهدت الأسواق المغربية، خلال الأيام القليلة الماضية، ارتفاعًا حادًا في أسعار سمك السردين – الذي يُلقب بـ"سمك الفقراء" – ليصل إلى 20-30 درهمًا للكيلوغرام في مدن رئيسية مثل الدار البيضاء، مما أثار موجة استياء واسعة بين الأسر ذات الدخل المحدود التي تعتمد عليه كمصدر بروتين أساسي واقتصادي. هذا الارتفاع يأتي في سياق موجة غلاء عامة طالت الخضروات، الفواكه، والمواد الغذائية الأخرى، مما يُفاقم الضغط على الميزانيات اليومية للمواطنين، خاصة مع اقتراب موسم رمضان الذي يزيد الطلب على هذا المنتوج.
وفقًا لتقارير ميدانية حديثة، بلغ سعر الصندوق في أسواق الجملة حوالي 450 درهمًا، مقارنة بـ200-210 دراهم سابقًا في مناطق مثل الصويرة، مما يعكس فجوة متزايدة بين أسعار الجملة والتجزئة. يُعزى هذا الارتفاع إلى ندرة العرض في الموانئ، ناتجة عن تراجع نشاط الصيد بسبب الظروف المناخية غير الملائمة، التغيرات الموسمية، وارتفاع تكاليف الوقود (مثل الغازوال الذي اقترب من 11.50 درهمًا للتر مؤخرًا). كما يُشير المهتمون إلى احتمال وجود مضاربات أو ممارسات احتكارية في سلاسل التوزيع، في غياب آليات رقابة فعالة تضمن الشفافية والاستقرار.
أعرب المرصد المغربي لحماية المستهلك عن قلقه الشديد، محذرًا من أن هذا الوضع لا يهدد القدرة الشرائية فحسب، بل يمس الأمن الغذائي الوطني، حيث يُستهلك السردين سنويًا بكميات هائلة (حوالي 100 ألف طن). ودعا إلى فتح تحقيق فوري من قبل مجلس المنافسة للكشف عن أي اتفاقيات غير قانونية، مع تعزيز حضور لجان المراقبة في الأسواق والموانئ. كما يتزايد الضغط الشعبي على السلطات لإطلاق حملات رقابية مكثفة، وضع سقف أسعار مؤقت، ودعم الصيادين من خلال إعانات وقود لتعزيز الإنتاج.
في ظل غياب بوادر لتراجع الأسعار، يُتوقع أن يستمر هذا التحدي حتى نهاية الشتاء، مما يدفع الأسر إلى البحث عن بدائل أغلى أو تقليل الاستهلاك، فيما يُطالب الاقتصاديون بإصلاحات هيكلية تشمل تنويع مصادر التوريد وتعزيز الزراعة المائية. هذا الارتفاع ليس حدثًا معزولًا، بل جزء من أزمة أوسع تتطلب تدخلات حكومية عاجلة لإعادة التوازن إلى السوق وحماية الطبقة الوسطى والفقيرة.
