تعيش مدينة سطات على وقع صدمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، إثر الإغلاق النهائي للمصنع الإسباني للنسيج "سيطافيكس" (SETTAVEX). وقد تسبب هذا القرار المفاجئ في فقدان أزيد من 500 عامل وعاملة لوظائفهم المباشرة، بالإضافة إلى العشرات من مناصب الشغل غير المباشرة، مما وضع مئات الأسر في مواجهة مباشرة مع البطالة والتشرد.
ويعيد هذا الانهيار المفاجئ طرح أسئلة جوهرية حول نجاعة تدخلات الحكومة لإنقاذ الوحدات الصناعية المهددة بالإفلاس، ومدى جدية الوعود المتعلقة بتشجيع الاستثمار وحماية مناصب الشغل.
خلفية الأزمة وجهود الإنقاذ الفاشلة
دخلت الشركة الإسبانية، التي كانت مستقرة في سطات لسنوات، في أزمة مالية خانقة بسبب تراكم الديون وتراجع حاد في الطلبيات، ما أدى إلى توقفها نهائيًا عن الإنتاج.
وكشفت مصادر محلية عن تحركات مكثفة سابقة لاحتواء الأزمة، حيث باشر العامل السابق للإقليم، إبراهيم أبو زيد (الذي عُيّن مؤخرًا عاملًا على صفرو)، سلسلة لقاءات مع المالك الإسباني للمصنع ومجموعة من المتدخلين المؤسساتيين والاقتصاديين. كما جرى تداول معلومات حول اتصالات مع صلاح الدين مزوار، الرئيس الأسبق للاتحاد العام لمقاولات المغرب، لبحث سبل إنقاذ الوحدة الصناعية.
ومع ذلك، لم تفلح هذه المساعي، حيث بلغت الديون مستويات قياسية. ورغم مفاوضات لبيع أراضي ومباني الشركة لصندوق استثمار عقاري بقيمة تقارب 220 مليون درهم لتسديد الديون واستئناف الإنتاج، لم تُكلل الصفقة بالنجاح.
حركة نقابية وسؤال برلماني
دخلت النقابة المحلية للاتحاد المغربي للشغل على الخط فورًا، وأعلنت تأسيس فرع نقابي داخل المصنع للدفاع عن حقوق العمال والمستخدمين الذين وجدوا أنفسهم فجأة دون مورد عيش أو تعويض.
وفي سياق المساءلة، وجه النائب البرلماني محمد هيشامي عن الفريق الحركي سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، مستفسرًا عن الأسباب الحقيقية وراء إغلاق المصنع رغم الوعود السابقة بإنقاذه، وعن التدابير العاجلة التي تعتزم الوزارة اتخاذها لضمان حقوق العمال المتضررين وجلب استثمار بديل يعوض مناصب الشغل المفقودة.
ويرى مراقبون أن إغلاق المصنع يمثل ليس فقط خسارة اقتصادية لإقليم يعاني هشاشة في نسيجه الإنتاجي، بل يُسلّط الضوء على محدودية آليات الإنقاذ الحكومية في مواجهة الأزمات المتكررة التي تضرب الوحدات الصناعية الأجنبية التي كانت تُوصف سابقًا بـ "نماذج للاستثمار المنتج".
