تحيي المملكة المغربية الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، وهي مناسبة لا تستحضر فقط فصلاً مجيداً من تاريخ المقاومة السلمية، بل ترسم أيضاً ملامح مستقبل الأقاليم الجنوبية في ظل السيادة الوطنية والنهضة التنموية غير المسبوقة. تلك المبادرة السلمية التي قادها الملك الراحل الحسن الثاني عام 1975، شكلت نقطة تحول حاسمة استعاد بها المغرب سيادته على أراضيه الصحراوية.
تجسيد الوحدة الوطنية
تعد المسيرة الخضراء رمزاً راسخاً للوحدة الوطنية والتلاحم بين مكونات الشعب المغربي من مختلف الأقاليم والخلفيات. ففيها تجلت أرقى صور التعبئة الشعبية والولاء للعرش، من أجل تحقيق هدف وطني مشترك. هذا الإرث من الوحدة هو ما مكن المغرب من تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، وهو الدافع وراء التنمية المتسارعة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية اليوم.
النهضة التنموية في الصحراء
يؤكد المشاركون والمراقبون أن الأقاليم الجنوبية، التي كانت في فترة سابقة مجرد أراضٍ قاحلة، قد تحولت بفضل الرؤى المتعاقبة للملكين الراحل والحالي، إلى نموذج تنموي يحتذى به. لقد شهدت المنطقة إنجاز مشاريع ضخمة في البنية التحتية، من طرق ومطارات وموانئ، مما سهل حركة النقل والاتصالات وحسن مستوى الخدمات بشكل جذري للسكان. هذه المشاريع هي الترجمة الفعلية لمقولة ربط الشمال بالجنوب، وتحويل الصحراء إلى مركز تنموي وجسر نحو إفريقيا.
المستقبل والتطلعات
الاحتفال بالذكرى الخمسين ليس نهاية المطاف، بل هو انطلاقة لتطلعات مستقبلية أوسع. فمع التكريس الدبلوماسي الأخير لمبادرة الحكم الذاتي، ومع استمرار المشاريع التنموية الكبرى، يتجه المغرب نحو تعزيز سيادته الاقتصادية في المنطقة، والاستفادة القصوى من ثرواتها وموقعها الاستراتيجي، لضمان مستقبل زاهر لجميع أبنائها.
