أكدت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، خلال افتتاح أشغال الجمعية العامة السنوية العاشرة لشبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية المنعقدة بمدينة العيون، أن التعاون بين المجلس الأعلى للحسابات والسلطة التشريعية شهد تطوراً نوعياً وملموساً، خاصة بعد دستور 2011 الذي رسّخ مبدأ التعاون بين السلط كأحد ركائز النظام الدستوري المغربي.
وأوضحت العدوي أن تعديل القانون المنظم لعمل المجلس سنة 2016 شكل محطة بارزة في تعزيز هذا التعاون، من خلال توسيع نطاقه وتحديد آليات اشتغاله بشكل دقيق، مما جعل العلاقة بين المؤسستين أكثر انتظاماً ومؤسساتية، بعدما كانت في السابق ذات طابع ظرفي أو مناسباتي.
وفي هذا الإطار، كشفت العدوي أن المجلس تلقى منذ 2013 ما مجموعه 14 طلب استشارة وأسئلة من البرلمان، تم الرد عليها بشكل مفصل، وتعلقت بملفات محورية مثل منظومة المقاصة، منظومة التقاعد، صندوق دعم التماسك الاجتماعي، صندوق التجهيز الجماعي، صندوق التنمية القروية، إضافة إلى برامج تشغيل الشباب، والتعليم في الوسط القروي، والاستراتيجية الوطنية لمحاربة الأمية، وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
وشددت على أن المجلس يحرص على ترسيخ آليات تعاون مستدامة وفعالة لضمان تكامل الأدوار الرقابية بينه وبين البرلمان، مع المحافظة على مكانتهما الاعتبارية وبناء الثقة والموضوعية التي تُعد أساس الممارسات الرقابية الرشيدة.
كما أبرزت العدوي تعدد قنوات تواصل المجلس الأعلى للحسابات مع المؤسسة التشريعية، سواء عبر التقرير السنوي المنشور في الجريدة الرسمية، أو من خلال تقديم الرئيس الأول لعرض شامل أمام البرلمان حول أعمال المجلس، إضافة إلى تقارير تنفيذ قانون المالية والتصريح العام بالمطابقة المرتبط بقانون التصفية.
وبالانتقال إلى سياق التنمية على المستوى القاري، دعت العدوي إلى ضرورة تقييم حصيلة الرقابة والتقييم في إفريقيا خلال الفترة 2015-2025، خاصة في ظل التأخر في بلوغ أهداف أجندة 2030 للتنمية المستدامة. وأكدت أهمية استشراف المستقبل في إطار "رؤية 2063" وخطة العمل العشرية 2024-2033، عبر تبني منهجيات تقييم جديدة تعزز جودة القرار العمومي.
وأشارت أيضاً إلى أن الأجهزة العليا للرقابة في أغلب الدول أصبحت تدرج الإشكاليات التنموية ضمن خططها الاستراتيجية، عبر تنفيذ عمليات تدقيق وتقييم متعددة تشمل تقييم جاهزية الحكومات لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وآليات التنسيق والرصد والإفصاح، إضافة إلى تقييم عدد من السياسات والبرامج العمومية المرتبطة بأهداف التنمية.
وختمت العدوي بالتأكيد على أن اختيار موضوع “التقييم كمسؤولية جماعية ورافعة ديمقراطية لحكامة شاملة وشفافة” يأتي في سياق دولي وقاري يعرف تحولات عميقة وتطورات تكنولوجية متسارعة، إلى جانب تحديات مالية واقتصادية وبيئية وأمنية متشابكة، ما يجعل من التقييم مطلباً أساسياً لضمان حكامة رشيدة وتحقيق التنمية المستدامة.
