شهدت غينيا بيساو، الدولة الغرب إفريقية الواقعة بين السنغال وغينيا، فجر الأربعاء 26 نوفمبر 2025، انقلابًا عسكريًا مكتمل الأركان، أعلن فيه ضباط من الجيش عزل الرئيس عمر سيسوكو إمبالو والاستيلاء على السلطة، عقب أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في 23 نوفمبر. أفادت تقارير إعلامية دولية فورية، بما في ذلك رويترز، فرانس 24، ووكالة الصحافة الفرنسية، بدوي إطلاق نار قرب القصر الرئاسي في العاصمة بيساو، تلاه اعتقال الرئيس إمبالو داخل مكتبه، في خطوة وصفها مراقبون بأنها "الأحدث في سلسلة انقلابات المنطقة"، وتُفاقم التوترات الإقليمية في الساحل الغربي.
أكد إمبالو، الذي وصل إلى السلطة في 2020، في تصريح هاتفي لمجلة "جون أفريك"، أنه اعتُقل حوالي الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش على يد رئيس أركان الجيش، بياغو نا نتان، مع اعتقال وزراء آخرين مثل وزير الداخلية، وأنه يُعامل معاملة جيدة داخل القصر. وفي بيان مقروء على التلفزيون الرسمي، أعلن الضباط الانقلابيون تشكيل "القيادة العسكرية العليا لاستعادة النظام"، معلنين تعليق العملية الانتخابية "حتى إشعار آخر"، وإغلاق جميع الحدود البرية، البحرية، والجوية، مع فرض حظر تجول فوري.
إغلاق الحدود وتشكيل قيادة عسكرية: رسائل الضباط الانقلابيين
في بيان مقروء على التلفزيون الرسمي من قبل المتحدث دينيز نتشاما، أكد الضباط أنهم "سيطروا على السيطرة الكاملة"، مبررين الخطوة بـ"إنقاذ الأمة من الفوضى السياسية"، و"منع تزوير إرادة الشعب"، في إشارة مباشرة إلى الاتهامات بالتلاعب الانتخابي التي وجهت لإمبالو. وقال أحد الضباط في تصريح: "القوات المسلحة هي الضامن الوحيد للاستقرار الآن"، مشيرًا إلى أن القيادة الجديدة ستدير الدولة مؤقتًا حتى "توضيح الوضع الدستوري". كما أُعلن اعتقال مرشح المعارضة الرئيسي، فرناندو دياز دا كوستا، ودومينغوس سيمويس بيريرا، في قاعدة جوية قرب العاصمة، بينما يُحتجز إمبالو داخل القصر الرئاسي.
أثار الإغلاق الشامل مخاوف من تأثيرات إقليمية، حيث أُبلغت الدول المجاورة مثل السنغال، وأُدخلت قوات إفريقيا الغربية (ECOWAS) في حالة تأهب، مع تقارير عن حركة عسكرية مكثفة قرب المعبر الحدودي مع السنغال. كما أُبلغ عن اعتقال قادة أمنيين آخرين، بما في ذلك رئيس أركان الجيش، في محاولة لتطهير المؤسسة العسكرية.
السياق الانتخابي: ادعاءات بالفوز المبكر وتوترات مستمرة
جاء الانقلاب بعد ثلاثة أيام فقط من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي كانت متأخرة بسبب خلافات حول مدة ولاية إمبالو، حيث يرى المعارضون أنها انتهت في فبراير 2025، بينما أكدت المحكمة العليا امتدادها حتى سبتمبر. أعلن إمبالو فوزه بنسبة 65% في الجولة الأولى، متجنبًا الجولة الثانية، بينما ادعى دياز دا كوستا الفوز أيضًا، مما أدى إلى توترات عنيفة واتهامات بالتزوير. كانت النتائج المؤقتة مقررة الخميس، لكن الجيش علّق العملية، معتبرًا إياها "مصدر فوضى".
بلد غارق في تاريخ الانقلابات: مخاوف إقليمية من تصعيد
تُعد غينيا بيساو واحدة من أكثر الدول الإفريقية عرضة للانقلابات منذ استقلالها عن البرتغال في 1974، حيث سجلت أكثر من 10 محاولات ناجحة أو فاشلة، آخرها في 2022 حيث نجا إمبالو من محاولة اغتيال. يُعزى الاضطراب إلى ضعف المؤسسات الديمقراطية، الفقر المدقع (أكثر من 70% تحت خط الفقر)، والفساد، بالإضافة إلى دورها كمركز لتهريب المخدرات في غرب إفريقيا. يُخشى أن يُشعل هذا الانقلاب سلسلة جديدة في المنطقة، خاصة مع انتشار الانقلابات في مالي، النيجر، وبوركينا فاسو، مما يُهدد الاستقرار الإقليمي ويُعيق جهود مكافحة الإرهاب.
أدانت ECOWAS الانقلاب، محذرة من عقوبات، بينما أعربت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي عن "قلق عميق"، مطالبين بإطلاق سراح الرئيس والمعارضين. على وسائل التواصل، انتشرت تغريدات تُشير إلى اعتقال قادة إفريقيين آخرين كانوا في زيارة، مثل الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان، مما يُفاقم التوتر. في الوقت الحالي، يبقى الوضع غامضًا، مع تقارير عن حركة عسكرية مستمرة، ويُتوقع تطورات سريعة في الساعات القادمة.
