فضيحة "فراقشية الأدوية" تهز البرلمان: المعارضة تتهم الحكومة بـ "تشريع على المقاس" لخدمة المستوردين

تحول النقاش داخل مجلس النواب المغربي حول مشروع قانون مالية 2026 إلى مواجهة سياسية حادة، فجرها قرار حكومي بتخفيض الرسوم الجمركية على الأدوية المستوردة. وبينما تصر الحكومة على أن هذا الإجراء يستهدف تخفيف العبء المالي على المواطنين وتسهيل الولوج إلى العلاج، ترى المعارضة أن القرار يخدم مصالح لوبيات نافذة في سوق الأدوية، ويحمل شبهات تضارب مصالح تستوجب فتح تحقيق عاجل.

دفاع حكومي واتهامات بـ "الريع"

دافعت الحكومة بشدة عن هذه التعديلات، حيث اعتبرها المسؤولون، وعلى رأسهم الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، خطوة اجتماعية ضرورية ضمن مسار إصلاح المنظومة الصحية وتعميم الحماية الاجتماعية. وأكد لقجع أن التخفيضات ستنعكس مباشرة على الأسعار، مشيرًا إلى أن الدولة ستراقب السوق بدقة ومستعدة لمراجعة الرسوم إذا ثبت أن الصناعة المحلية قادرة على تلبية الاحتياجات.

في المقابل، صعدت المعارضة لهجتها، مؤكدة أن المستوردين وحدهم من سيجنون أرباح هذه الامتيازات. وانتقد النائب عبد الله بوانو بشدة "هوامش الربح الخيالية" التي يحققها بعض الفاعلين، متهمًا وزارة الصحة بأنها تحولت إلى "مركز لصفقات توزع بشكل غير قانوني"، وطالب بفتح تحقيق شامل في مسار استيراد وتوزيع الأدوية.

تشريع على المقاس وشبهات فساد

تجاوز الجدل الأرقام ليصل إلى اتهامات مباشرة بوجود "تشريع على المقاس" لفائدة جهات اقتصادية معينة، بل وطالت الاتهامات أحد أعضاء الحكومة. وتتساءل المعارضة عن طبيعة العلاقات التي تربط بعض السياسيين بهؤلاء المستوردين، محذرة من أن هذه الإعفاءات، إذا لم تنعكس على سعر الدواء للمواطن، فإنها ستتحول إلى دعم مباشر لجيوب الشركات، وتفتح بابًا واسعًا للريع في قطاع حيوي.

وحذّر المقال من أن أي تخفيض جمركي لا ترافقه رقابة صارمة على مستويات الربح والتسعير قد يجعلنا أمام فضيحة جديدة لـ "فراكشية الأدوية".

مطالب بلجنة تقصي حقائق واختبار للمؤسسات

مع تصاعد الأصوات المطالبة بـ تشكيل لجنة تقصي حقائق، يلوح في الأفق احتمال أن يتحول هذا الملف إلى قضية سياسية كبرى خلال الشهور المقبلة، خاصة أن قطاع الأدوية لطالما حامت حوله الشبهات. القضية تمس صحة المواطنين وقدرتهم الشرائية بشكل مباشر، ما يجعل أي شبهة فساد أو تضارب مصالح فيها شديدة الخطورة.

يُظهر النقاش الدائر أن القضية ليست مجرد خلاف تقني حول ضريبة، بل هي اختبار حقيقي لقدرة المؤسسات المنتخبة على حماية المصلحة العامة وضمان عدم استغلال السياسات العمومية من قبل اللوبيات الاقتصادية.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة