قفزة غير مسبوقة تكسر رقم 2024 كاملاً.. والوزارة تنتقل من "كمّ الوافدين" إلى "جودة العائدات" استعداداً لـ "الكان والمونديال"
أكدت الأرقام الرسمية لعام 2025 تحول القطاع السياحي في المغرب رسمياً إلى "رافعة واعدة" في إنعاش خزينة الدولة. فخلال الفترة من يناير إلى نهاية أكتوبر فقط، حققت المملكة ما قيمته 113 مليار درهم من عائدات السفر بالعملة الصعبة، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الاقتصاد الوطني ويتجاوز مجموع ما حققه القطاع في سنة 2024 بأكملها.
نمو نوعي: ارتفاع العائدات بنسبة 17%
القفزة النوعية في الإيرادات لم تكن نتيجة لزيادة عدد الزوار فحسب، بل نتيجة لتغيير في المقاربة الاستراتيجية.
العائدات النقدية: سجلت العائدات ارتفاعاً يفوق 16 مليار درهم مقارنة بنفس الفترة من 2024، أي بنسبة نمو بلغت 17%.
عدد الزوار: استقبلت البلاد 16.6 مليون زائر، بزيادة 14% عن 2024.
جودة الإنفاق: تؤكد البيانات أن السياح يميلون أكثر إلى الإقامة لمدة أطول والإنفاق على تجارب متنوعة، مما يدعم المنحى التصاعدي للعائدات بشكل مستدام.
وفي هذا السياق، أكدت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة، أن التوجه الحالي هو نحو "نمو يرفع عائدات السياحة من العملة الصعبة، ويعزز النشاط الاقتصادي"، مما يترجم الانتقال من التركيز على "حجم الوافدين" إلى "جودة العائدات". وقد جعل هذا التحول القطاع يحقق قيمة مالية تقارب عائدات الفوسفاط في بعض السنوات.
استثمار بنيوي واسع تحضيراً لـ 2030
يربط الخبراء النتائج القياسية التي تحققت بالهندسة الاستراتيجية طويلة الأمد التي انطلقت قبل الجائحة وتسارعت بعدها، خاصة في إطار التحضير لـ كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030.
أشار الخبير في السياسات السياحية والبنيات التحتية، سعيد أركيبي، إلى أن المغرب دخل في مرحلة توسع غير مسبوق في البنيات التحتية منذ عام 2022، والتي شملت:
تحديث المطارات: توسيع مطارات مراكش والدار البيضاء وطنجة والعيون، وتشييد مطار جديد في الداخلة.
الربط الجوي: فتح أكثر من 120 خطاً مباشراً جديداً منذ 2022، ليس فقط نحو أوروبا، بل نحو نيويورك، ميامي، ريو دي جانيرو، والدوحة.
المنشآت المرافقة: الاستثمار في الملاعب (الدار البيضاء، مراكش، طنجة، أكادير، فاس) يرتبط بمنشآت مرافقة تشمل فنادق جديدة، ومقرات عصرية للضيافة، ومراكز تجارية.
الاستثمارات الأجنبية: جذبت المملكة خلال 2023–2025 أكثر من 3.5 مليار دولار في وحدات فندقية جديدة، أغلبها في مراكش وأكادير والداخلة.
نموذج جديد: الأصالة والتنوع والرقمنة
لم يعد العرض المغربي يعتمد على "الصورة الكلاسيكية" للسياحة الشاطئية أو الثقافية فحسب، بل طور منتجات جديدة تشمل:
تجارب رياضية، ومسارات جبلية، والرحلات الصحراوية.
تطوير وجهات داخلية جديدة مثل الداخلة وتافراوت وبني ملال.
إطلاق تجارب مبتكرة مثل السياحة البيئية ومسارات التراث اليهودي.
ويؤكد الخبراء أن التحضير لكأس العالم دفع المغرب إلى مرحلة جديدة من الرقمنة السياحية، ما يجذب جيل السياح الشباب. وتشير المؤشرات إلى أن السياحة ستكون قادرة على تجاوز مستوى 130 مليار درهم في عام 2026، مما يرسخ موقعها كواحدة من أقوى الوجهات الناشئة عالمياً.
