اهتزت مدينة فاس ليلة الثلاثاء/الأربعاء 9-10 ديسمبر 2025، على وقع فاجعة مأساوية بعد انهيار مفاجئ لمنزلين سكنيين مكونين من أربعة طوابق كل منهما، في حي المستقبل بمنطقة المسيرة التابعة لمقاطعة زواغة، مما أسفر عن وفاة شخص واحد على الأقل وإصابة 13 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، مع مخاوف من ارتفاع الحصيلة البشرية إذا لم يُنْجَحْ الإنقاذ. وقع الحادث حوالي الساعة 22:30 مساءً، حيث بدأ الأمر بتساقط تدريجي لجزء من أحد المنزلين، قبل أن ينهار المنزلان بالكامل في دقائق، مُثِيرًاْ ذعرًا عامًا في الحي ذي الكثافة السكانية العالية.
سارعت السلطات المحلية وعناصر الوقاية المدنية إلى عين المكان فور الإبلاغ، حيث استنفرتْ مصالحها الكاملة لعمليات الإنقاذ والبحث تحت الأنقاض، وسط توافد مئات السكان الذين حاولوا المساعدة الشعبية قبل وصول الفرق المتخصصة. أكدت مصادر أمنية أن الإنقاذ يواجه صعوبات كبيرة بسبب كمية الركام الضخمة، مع سماع صراخ أطفال وأشخاص تحت الأنقاض، مما يُزِيدْ من التوتر في الحي. نُقِلَ الـ13 مصابًا إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني ومستشفى الغساني، حيث يُعَالَجُونْ من كسور وإصابات داخلية، وأُعْلِنْ عن وفاة شخص واحد رسميًا حتى الآن، مع مخاوف من وجود عالقين آخرين.
انتقل والي جهة فاس-مكناس، خالد عيت طالب، إلى الموقع لتفقد الجهود، حيث وقف على عمليات الإنقاذ وأشاد بـ"التضامن الشعبي والاستنفار الرسمي"، مُؤَكِّدًاْ أن "كل الوسائل متوفرة لإنقاذ أكبر عدد ممكن"، ودَعَا السكان إلى الالتزام بالحواجز الأمنية. كما أُغْلِقَ الحي مؤقتًا، ونُشِرَتْ دوريات أمنية لتأمين المنطقة، وسط حالة ذعر عامة وصور وفيديوهات متداولة على وسائل التواصل تُظْهِرْ حجم الدمار والسكان يحاولون الكشف عن عالقين بأيديهم.
حتى حدود كتابة هذه السطور، تتواصل الجهود لإزالة الركام والبحث عن ناجين، مع تقارير أولية تفيد بأن المنزلين كانَا ضمن البنايات "الآيلة للسقوط" ومُصْنَّفَيْنْ كذلك منذ سنوات، لكن غياب آليات إخلاء فعالة أدى إلى الكارثة. هذا الحادث يُعِيدْ إلى الواجهة مشكلة البنايات الهشة في الأحياء الشعبية بفاس، حيث أسفر انهيار مشابه في الحي الحسني (مايو 2025) عن 10 وفيات، رغم تصنيف البناية كـ"خطر عالٍ" منذ 2018، بسبب رفض بعض الأسر الإخلاء لعدم وجود بدائل سكنية.
أعربَ ناشطون مدنيون عن غضبهم، مُطَالِبِينْ بتحقيق مستقل وإخلاء فوري للبنايات المهددة، مشيرينْ إلى أن "الكثافة السكانية العالية في هذه الأحياء تجعل كل يوم خطرًا"، ودَعَوْاْ وزارة الإسكان إلى تسريع برامج السكن الاجتماعي في فاس، حيث يُعَانِيْ أكثر من 50 ألف أسرة من نقص السكن الآمن. في الوقت نفسه، أكدْتْ المديرية الولائية للأمن أن التحقيق جارٍ لتحديد الأسباب، مع التركيز على حالة البنايات والصيانة، وسط حالة حزن وصدمة تخيم على المدينة، التي شهدتْ في السنوات الأخيرة حوادث مشابهة أدت إلى عشرات الضحايا بسبب الهشاشة العمرانية.
هذه الفاجعة تُذَكِّرْ بأن السلامة السكنية في الأحياء الشعبية ليست رفاهية، بل حق أساسي، وأن غياب الإجراءات الوقائية قد يُكَلِّفْ أرواحًا بريئة كل ليلة.
