ناصر الزفزافي يُصْعِدْ: إضراب عن الطعام والماء في سجن طنجة 2.. وطلب سحب شهادة البكالوريا من كلية الحقوق

دخل المعتقل السياسي ناصر الزفزافي، زعيم "حراك الريف" المدان بعشرين سنة سجنًا نافذًا، في إضراب فوري عن الطعام والماء داخل سجن طنجة 2، في خطوة احتجاجية غير مسبوقة أعلنها عبر رسالة نقلها شقيقه طارق الزفزافي يوم الإثنين 8 ديسمبر 2025. جاء الإعلان في سياق تصعيدي، احتجاجًا على ما وصفه بـ"تواطؤ النيابة العامة في حماية من هددوه بالتصفية الجسدية"، بعد أن أمهلها 72 ساعة للتحرك دون جدوى، مما أثار جدلًا واسعًا ودعوات حقوقية لتدخل عاجل لضمان سلامته.

في الرسالة، التي نُشِرَتْ على وسائل التواصل الاجتماعي، أكد الزفزافي أنه "أَشْعَرْ إدارة السجن بدخولي معركة الأمعاء الفارغة والإضراب عن الماء"، مُحَمِّلًا النيابة مسؤولية "الإرهاب الفكري الهمجي" الذي يمثله المهددون، الذين ظهروا في فيديو يعود تاريخه إلى 2017، مرتدين زيًا عسكريًا أجنبيًا. وأضاف: "هذا الفعل لا يحتاج شكاية شخصية لتفتح السلطات تحقيقًا، فهو يشكل تهديدًا للأمن العام وتشكيلًا لعصابة إجرامية". ودعا الزفزافي المنظمات الحقوقية الدولية، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى متابعة الملف، مُحَذِّرًاْ من أن "القانون الذي لا يحمي حياتي لا يستحق أن أهدر عليه وقتي".

طلب سحب شهادة البكالوريا: رفض لـ"القانون الذي يخون"

في خطوة رمزية لافتة، تقدم الزفزافي بطلب رسمي إلى عميد كلية الحقوق بجامعة عبد المالك السعدي في طنجة، يطالب فيه بسحب شهادة البكالوريا الخاصة به، مُبَرِّرًاْ: "القانون الذي يُفترَضْ أن يحمي حياتي وحقي في التقاضي لا يستحق أن أهدر عليه وقتي". هذا الطلب، الذي يُعَدُُّ رفضًا صارخًا للنظام القضائي الذي يُحَاسِبُهْ، يُذَكِّرْ بمسيرة الزفزافي كطالب حقوق قبل اعتقاله في 2017، ويُعِيدْ طرح تساؤلات حول حقوق السجناء السياسيين في الوصول إلى التعليم والدفاع.

السياق: تهديدات قديمة وتحقيق متعثر

كانت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف في طنجة قد فتحت تحقيقًا في 18 نوفمبر 2025 حول فيديو متداول يتضمن تهديدات بالتصفية الجسدية للزفزافي، تحت إشراف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، للتحقق من ظروف ظهوره (يعود إلى 2017). لكن الزفزافي يرى في التأخير "تواطؤًا"، مُحَمِّلًا النيابة مسؤولية عدم اعتقال "العصابة الإجرامية" التي انتحلت صفة عسكرية. هذا الفيديو، الذي أُعِيدْ تداوله مؤخرًا، يُثِيرْ مخاوف من "استهداف معنوي" يهدف إلى إسكات صوت معارض، خاصة مع اقتراب الذكرى الثامنة لاعتقاله في 2017، الذي أدى إلى إدانته بعشرين سنة سجنًا بتهم "المساس بأمن الدولة" على خلفية تنظيمه للاحتجاجات السلمية في الحسيمة.

ردود الفعل: دعوات حقوقية للتدخل العاجل

أثار الإعلان موجة من الدعم والقلق على وسائل التواصل، حيث أعربتْ جمعيات حقوقية مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH) عن "قلقها البالغ" من سلامة الزفزافي، مُطَالِبَةْ بزيارة فورية من الصليب الأحمر الدولي لسجن طنجة 2، وتحقيق مستقل في التهديدات. كما دَعَتْ منظمة العفو الدولية، في بيان سريع، إلى "ضمان حق الاحتجاج السلمي داخل السجون"، مُشِيرَةْ إلى أن إضراب الزفزافي "تعبير عن رفض للتواطؤ مع التهديدات". أما عائلته، فأكدتْ أن "ناصر مصمم على الاستمرار حتى يُحَمَىْ حقه في الحياة"، مُطَالِبَةْ بتدخل الملك محمد السادس للعفو أو نقل السجين إلى سجن أفضل.

في السياق الأوسع، يُعَدُّ الزفزافي رمزًا لـ"حراك الريف" الذي انطلق في 2016 مطالبًا بحقوق اقتصادية واجتماعية، وأدى إلى اعتقال مئات النشطاء، معظمُهُمْ مُحْكُومُونْ بعقوبات طويلة. هذا الإضراب، الذي يأتي بعد إضرابات سابقة في 2018 و2025 تضامنًا مع غزة والسودان، يُثِيرْ تساؤلات حول حقوق السجناء السياسيين في المغرب، خاصة في ظل غياب تقارير رسمية عن حالته الصحية منذ أسابيع. الجمعيات الحقوقية تُحَذِّرْ من أن "الإضراب عن الطعام والماء" قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة في غضون أيام، مُطَالِبَةْ بتدخل فوري لإنهائه دون تنازلات.

مع هذا التصعيد، يبدو أن ملف الزفزافي لن يهدأ قريبًا، مُذَكِّرًاْ بأن حقوق الاحتجاج داخل السجون تبقى رهينة للتوازنات السياسية، وأن صوت "حراك الريف" ما زال يُرَدِّدْ في جدران طنجة.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة