فاجعة فاس: 22 وفاة، بينهم أطفال ونساء، و16 مصابًا بجروح متفاوتة الخطورة...

ارتفعت الحصيلة المؤقتة لحادث انهيار بنايتين متجاورتين مكونتين من أربعة طوابق كل منهما، ليلة الثلاثاء/الأربعاء 9-10 ديسمبر 2025، بحي المسيرة (المستقبل) بمنطقة بنسودة التابعة لمقاطعة زواغة بفاس، إلى 22 وفاة، بينهم أطفال ونساء، و16 مصابًا بجروح متفاوتة الخطورة، في مأساة هزَّت المدينة وأثارت غضبًا شعبيًا واسعًا بسبب غياب الإجراءات الوقائية للبنايات الآيلة للسقوط. أعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس، في بلاغ رسمي، فتح بحث قضائي فوري من طرف الشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة، للوقوف على الأسباب الحقيقية للحادث والكشف عن ظروفه وملابساته، مع التركيز على حالة البنايات التي كانت مُصْنَّفَةْ "مهددة بالانهيار" منذ سنوات.

وقع الحادث حوالي الساعة 23:20 مساءً، حيث كانت البناية الأولى فارغة من السكان، بينما كانت الثانية تحتضن حفل عقيقة (احتفال تقليدي)، مما زاد من حجم الخسائر البشرية. بدأ الأمر بتساقط تدريجي لجزء من الجدران، قبل أن ينهار المنزلان بالكامل في دقائق، مُثِيرًاْ ذعرًا عامًا في الحي ذي الكثافة السكانية العالية (8 أسر على الأقل كانت تقطن المنزل الثاني). أفادت السلطات أن الضحايا يشملون أطفالًا ونساء، وأن الحصيلة مؤقتة مع استمرار عمليات الإنقاذ بحثًا عن عالقين آخرين تحت الركام الضخم، وسط سماع صراخ من تحت الأنقاض في الساعات الأولى.

سارعت مصالح الوقاية المدنية والأمن إلى عين المكان فور الإبلاغ، حيث استنفرتْ جميع وسائلها لعمليات الإنقاذ التي تستمر حتى الآن، مع إجلاء سكان المنازل المجاورة احتياطيًا وتأمين محيط الانهيار لمنع أي حوادث إضافية. نُقِلَ الـ16 مصابًا إلى المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس للعلاج، حيث يُعَالَجُونْ من كسور، إصابات داخلية، وصدمات، مع حالات حرجة بين الأطفال والنساء. انتقل والي جهة فاس-مكناس، خالد عيت طالب، إلى الموقع لتفقد الجهود، مُؤَكِّدًاْ أن "كل الإمكانيات متوفرة لإنقاذ أكبر عدد ممكن"، وأعرب عن تعازيه لعائلات الضحايا، مُطَالِبًاْ السكان بالالتزام بالحواجز الأمنية.

أغلقت السلطات الحي مؤقتًا، ونُشِرَتْ دوريات أمنية مكثفة، وسط توافد مئات السكان الذين حاولوا المساعدة الشعبية قبل وصول الفرق المتخصصة، مما أدى إلى مشاهد تضامن مؤثرة لكنها محفوفة بالمخاطر. أكدْتْ مصادر طبية أن الإنقاذ يواجه صعوبات كبيرة بسبب الركام الثقيل، مع استخدام جرافات وكلاب كشف، وسماع صراخ في الساعات الأولى، مما يُزِيدْ من القلق من وجود عالقين آخرين.

فتحت الشرطة القضائية تحقيقًا فوريًا تحت إشراف النيابة العامة، لتحديد الأسباب الحقيقية للانهيار، مع التركيز على حالة البنايات التي كانت مُصْنَّفَةْ "آيلة للسقوط" منذ سنوات، وسبب عدم تنفيذ إجراءات الإخلاء أو الترميم رغم التصنيفات الرسمية. أشارتْ مصادر أمنية إلى أن التحقيق سيُشْمَلْ مسؤولي الجماعة المحلية والمكتب الهندسي، وسط شكاوى سابقة من السكان حول "الهشاشة العمرانية" في الحي، الذي يُعَانِيْ من كثافة سكانية عالية وغياب الصيانة.

أعربْ ناشطون مدنيون وجمعيات سكنية عن غضبهم، مُطَالِبِينْ بتحقيق مستقل وإخلاء فوري للبنايات المهددة في فاس، مشيرينْ إلى أن "هذه الفاجعة ليست مصادفة، بل نتيجة إهمال متعمد"، ودَعَوْاْ وزارة الإسكان إلى تسريع برامج السكن الاجتماعي في المدينة، حيث يُعَانِيْ أكثر من 50 ألف أسرة من نقص السكن الآمن. في الوقت نفسه، أكدْتْ المديرية الولائية للأمن أن التحقيق جارٍ، وسط حالة حزن وصدمة تخيم على فاس، التي شهدتْ حوادث مشابهة في الحي الحسني (مايو 2025، 10 وفيات) ودرب السبع (2023، 7 وفيات)، بسبب الهشاشة العمرانية والكثافة السكانية.

هذه المأساة تُذَكِّرْ بأن السلامة السكنية في الأحياء الشعبية ليست رفاهية، بل حق أساسي، وأن غياب الإجراءات الوقائية قد يُكَلِّفْ أرواحًا بريئة كل ليلة، في مدينة تُعَانِيْ من تراكمات عمرانية لم تُعَالَجْ منذ عقود.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة