المغرب يُصْنِّعُ "سليكون المستقبل": مصنع بـ870 مليون دولار في طانطان بدعم أمريكي.. خطوة لكسر احتكار الصين لـ90% من الإنتاج العالمي

في سياق سعي الولايات المتحدة لتقليص اعتمادها على الصين في سلاسل التوريد الحيوية للتكنولوجيا الحديثة، كشف تقرير لـ"بلومبيرغ" (8 ديسمبر 2025) عن دعم واشنطن لمشروع صناعي استراتيجي في المغرب يهدف إلى إنتاج مادة "البولي سيليكون" (السليكون متعدد البلورات) عالية النقاء، التي تُستخدم في صناعة الرقائق الإلكترونية والألواح الشمسية، حيث تسيطر الصين على أكثر من 90% من الإنتاج العالمي، وتُهَدِّدْ باستخدامها كورقة ضغط في النزاعات التجارية.

يتعلق المشروع بشركة Sondiale SA، تابعة لمجموعة GreenPower Morocco، التي تعتزم بناء مصنع جديد بقيمة 870 مليون دولار في مدينة طانطان (جنوب المغرب)، بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 30 ألف طن من البولي سيليكون، أي نحو 1% من الإنتاج العالمي الحالي، ومن المتوقع افتتاحه أواخر 2029. حصلت الشركة على تمويل أولي بقيمة 4.75 مليون دولار من مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية (DFC)، لدعم مراحل الإعداد والتخطيط والدراسات التقنية، مع إمكانية دعم إضافي يصل إلى 550 مليون دولار من DFC، إضافة إلى 100 مليون دولار من الحكومة المغربية كاستثمار استراتيجي.

وأوضح تايب أمغرود، المدير التنفيذي للشركة، في تصريحات نقلتها "بيزنيس إنسايدر"، أن المشروع يسعى لتعبئة 800 مليون دولار إجماليًا من خلال اتفاقيات تمويل وقروض مع مستثمرين محليين ودوليين، مُؤَكِّدًاْ أن "شركاء المغرب يريدون تنويع سلسلة التوريد العالمية"، وسط مخاوف غربية من سيطرة بكين على المواد الاستراتيجية مثل المعادن النادرة، التي أعلنت الصين قيودًا جديدة عليها هذا العام كرد فعل على التعريفات الأمريكية.

طانطان: بوابة السليكون الإفريقي.. 90% طاقة متجددة وتصدير إلى أوروبا والآسيوية

سيُبْنَىْ المصنع في المنطقة الصناعية "الواطية" بطانطان، على الساحل الأطلسي، ويُعْتَمَدْ فيه على تقنية "طاقة مكثفة" لإنتاج ألواح السليكون، مع خطة لتشغيله بنسبة 90% من الطاقة المتجددة (رياح وشمس) عبر اتفاقيات مع فاعلين محليين، مقابل 10% من الشبكة الوطنية، لتقليل البصمة الكربونية وتعزيز صورة المغرب كمركز صناعي مستدام. أسواق التصدير المستهدفة لن تقتصر على الولايات المتحدة، بل تشمل الاتحاد الأوروبي، اليابان، كوريا الجنوبية، سنغافورة، وماليزيا، حيث سيُصْدَرْ 85% من الإنتاج، مما يجعل المغرب "منصة إقليمية" في المواد المتقدمة، مستفيدًا من اتفاقيات التبادل الحر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لجذب الاستثمارات وخلق فرص عمل، خاصة في ظل بطالة الشباب التي بلغت 35% في 2025.

السياق الأمريكي: كسر احتكار الصين وتنويع التوريد

يأتي الدعم الأمريكي ضمن استراتيجية واشنطن لتنويع سلاسل التوريد بعيدًا عن الصين، التي تُنْتِجْ أكثر من 90% من البولي سيليكون العالمي، وأعلنتْ قيودًا جديدة على المعادن النادرة هذا العام كرد على التعريفات التجارية. أكد مسؤول في DFC أن المشروع "يُوَفِّرْ سليكونًا عالي النقاء للولايات المتحدة وحلفائها"، مما يُعَزِّزْ الأمن الاقتصادي في قطاعات الرقائق (مثل إنتل وتايواني) والطاقة الشمسية، حيث يُسَتْخْدَمْ السليكون في 95% من الألواح الشمسية العالمية.

في السياق المغربي، يُمَثِّلْ المشروع جزءًا من توجه أوسع للاستفادة من اتفاقيات التبادل الحر مع الولايات المتحدة (2004) والاتحاد الأوروبي (2000) لجذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل للشباب في الجنوب (1,500 وظيفة مباشرة، 2,000 غير مباشرة)، في ظل بطالة تصل إلى 35% في صفوف الشباب، وفقًا لتقرير البنك الدولي (2025). أُصْدِرَْ الاتفاق الاستثماري في نوفمبر 2025، وصُنِّفَ المشروع "استراتيجيًا" من قبل اللجنة الوطنية للاستثمار في فبراير 2024، مما يُعَزِّزُ مكانة المغرب كمركز صناعي في المواد المتقدمة، مرتبطة بالطاقات المتجددة والصناعات التكنولوجية.

في الختام، يُعَدُّ مشروع Sondiale خطوة عملاقة نحو التنويع الاقتصادي، حيث سيُحَوِّلْ طانطان – مدينة حدودية جنوبية – إلى مركز إقليمي للسليكون، مُسَاهِمًا في خفض البصمة الكربونية بنسبة 90% وتعزيز التصدير إلى أسواق عالمية، وسط تنافس دولي حول المواد الخام الاستراتيجية. مع إغلاق موعد تقديم العروض في يوليو 2026، يبقى العالم يراقب كيف سيُعَوِّدْ المغرب نفسه كـ"حلقة وصل" بين إفريقيا وأوروبا في عالم الطاقة النظيفة والتكنولوجيا.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة