المغرب يُطْلِقْ طلبات عروض دولية بـ954 مليون دولار لمحطات غاز مسال في الناظور

في خطوة استراتيجية تُعَزِّزُ مكانة المغرب كلاعب رئيسي في سوق الطاقة الإقليمية، أعلنت وزارة الطاقة الانتقالية والتنمية المستدامة، يوم الجمعة 5 ديسمبر 2025، إطلاق طلبات عروض دولية لإنجاز محطات متطورة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال (LNG) وتحويله، مع ربطها بشبكة أنابيب وطنية تمتد من شمال المملكة إلى جنوبها. يأتي هذا الإعلان كجزء من المرحلة الأولى لخارطة طريق الغاز 2025-2030، باستثمار إجمالي يصل إلى 9.542 مليار درهم (954.2 مليون دولار)، ويهدف إلى تنويع مصادر الطاقة، خفض الاعتماد على الخارج، وتعزيز التصدير إلى أوروبا عبر خط الأنابيب المغاربي-الأوروبي (GME).

الناظور: مركز الطاقة الجديد على البحر المتوسط

سيكون ميناء الناظور غرب المتوسط (Nador West Med)، الذي يُتَوَقَّعْ افتتاحُهْ في النصف الثاني من 2026، نقطة الدخول الأولى لهذا الغاز المسال. المحطة ستكون عائمة (FSRU – Floating Storage and Regasification Unit)، قادرة على استقبال ناقلات Q-Flex بسعة 215 ألف متر مكعب، مع قدرة إعادة تغويز تصل إلى 5.1 مليار متر مكعب سنويًا، قابلة للتوسع إلى 7.5 مليار في فترات الذروة. تُقَدَّرْ تكلفتها بـ2.73 مليار درهم (273 مليون دولار)، وسيتم ضخ الغاز مباشرة في خط GME، الذي يربط المغرب بإسبانيا وأوروبا، مما يجعل الناظور "بوابة طاقة" استراتيجية للقارة الإفريقية.

يُرْبَطُ المشروع بشبكة أنابيب وطنية تغذي محطات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) الحالية والمستقبلية، بالإضافة إلى المناطق الصناعية في الغرب مثل القنيطرة والمحمدية. تُقَدَّرْ تكلفة تمديد الأنابيب من GME إلى المحمدية بـ6.387 مليار درهم (638.7 مليون دولار)، مع رصد 425 مليون درهم (42.5 مليون دولار) لشبكة إمداد ثانوية في القنيطرة والمحمدية، ليصل الإجمالي إلى 954.2 مليون دولار.

طلبات العروض: جذب كبريات الشركات العالمية

أُطْلِقْتْ طلبات العروض الدولية في مرحلتها الثالثة، بعد إنهاء مرحلة التعبير عن الاهتمام في يوليو 2025، وتهدف إلى اختيار شركات عالمية للتصميم، البناء، التمويل، والتشغيل. الطلب الأول يركز على شبكة الأنابيب الرابطة بين ميناء الناظور وGME والمناطق الصناعية المجاورة، بينما الثاني يتعلق باستئجار محطة تخزين عائمة (FSRU)، حيث سيُوْفِّرْ المشغل السفينة ويثبت التجهيزات قبل تسليمها لسلطات الميناء.

يُتَوَقَّعْ بدء التشغيل في 2027، مع ربط مستقبلي بمحطات غاز على الساحل الأطلسي، واندماج مع مشروع أنبوب الغاز الأطلسي الإفريقي (Nigeria-Morocco Gas Pipeline)، الذي سيصل المغرب بنيجيريا عبر ميناء الداخلة بطول 2,400 كم، مما يجعل المملكة "حلقة وصل" بين إفريقيا وأوروبا في الطاقة النظيفة.

السيادة الطاقية: تنويع المصادر وخفض الاعتماد على الخارج

يأتي المشروع ضمن خارطة طريق الغاز 2025-2030، التي تهدف إلى بناء سوق غاز وطنية متكاملة، مع التركيز على التنويع عن الفحم والنفط للوصول إلى 52% طاقة متجددة بحلول 2030. حاليًا، يُشَكِّلْ الغاز 20% من مزيج الطاقة، ومع الطلب المتزايد على الكهرباء (15 غيغاواط إضافية بحلول 2030)، سيُسَاهِمْ هذا الإجراء في خفض الاعتماد على الاستيراد من إسبانيا (0.5 مليار متر مكعب سنويًا عبر GME)، وتعزيز التصدير إلى أوروبا، خاصة مع خطط ONEE لإضافة 13 غيغاواط متجددة بـ120 مليار درهم.

في النهاية، يُمَثِّلْ هذا الإطلاق خطوة عملاقة نحو السيادة الطاقية، حيث سيُحَوِّلْ المغرب من مُسْتَوْرِدْ تقليدي إلى مُصَدِّرْ إقليمي، مُسَاهِمًا في التنمية المستدامة وخلق آلاف الوظائف في المناطق الشمالية والصناعية. مع إغلاق موعد تقديم العروض في يوليو 2026، يبقى العالم يراقب كيف سيُعَوِّدْ المغرب نفسه كـ"مركز طاقة متوسطي".

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة