كشفت وسائل إعلام إيطالية أن السلطات المغربية أوقفت، في إطار تعاون أمني دولي، زوجين يُعدّان من أبرز قادة المافيا الإيطالية، ويتعلق الأمر بباتريسيو فورنيتي وزوجته مونيكا مونتينيرو، وذلك بعد فترة من الفرار، وسط مطالب رسمية من روما بتسليمهما لمحاكمتهما في قضايا خطيرة مرتبطة بالجريمة المنظمة.
ووفق ما أوردته الصحافة الإيطالية، فإن توقيف الزوجين تم في منتصف شهر نونبر الماضي من طرف الأجهزة الأمنية المغربية، حيث جرى إيداعهما السجن في انتظار استكمال المساطر القانونية، في وقت تتابع فيه السلطات الإيطالية عن كثب تطورات ملف التسليم، الذي وصفته مصادر مطلعة بالمعقد والطويل.
وتشير المعطيات ذاتها إلى أن باتريسيو فورنيتي يُعد أحد أخطر زعماء المافيا في إيطاليا، إذ كان، حسب التحقيقات، الشخصية الأكثر نفوذًا في مقاطعة لاتينا خلال العقدين الأخيرين، كما يشكل العقل المدبر للملف المعروف باسم “Assedio” أو “الحصار”، الذي تقوده نيابة مكافحة المافيا الإيطالية.
وتسعى النيابة الإيطالية المختصة إلى محاكمة الزوجين بتهم تتعلق بالانتماء إلى تنظيم إجرامي ذي طابع مافيوزي، فضلاً عن تورط فورنيتي في ملفات أخرى ثقيلة، من بينها قضية كبرى للاتجار الدولي في المخدرات، فتحتها نيابة مدينة بريشيا.
غير أن مسطرة تسليمهما تواجه عراقيل قانونية، بالنظر إلى أن المغرب لا ينتمي إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن اتفاقية التسليم الموقعة بين الرباط وروما لا تتيح إجراءات سريعة أو تلقائية، بخلاف ما هو معمول به مع دول أوروبية أخرى مثل إسبانيا.
وتعقدت الوضعية القانونية للزوجين أكثر، بعد متابعتهما أمام القضاء المغربي بتهم تتعلق بحيازة واستعمال وثائق مزورة، إلى جانب شبهات فساد، وهي قضايا من شأنها إطالة أمد اعتقالهما داخل التراب المغربي قبل الحسم في أي قرار متعلق بالتسليم.
وأفادت المصادر نفسها أن توقيف فورنيتي وزوجته تم بمدينة الدار البيضاء من طرف الدرك الملكي، استنادًا إلى مذكرة بحث دولية صادرة عن السلطات الإيطالية في يوليوز 2024، عقب عدم امتثالهما لأمر قضائي يقضي بإيداعهما السجن داخل إيطاليا.
وخلال عملية التوقيف، عثرت المصالح الأمنية المغربية بحوزتهما على جوازات سفر سويسرية مزورة، ما شكل أساسًا لفتح مسطرة قضائية مستقلة بالمغرب، وأدخل الملف في مسار قانوني مزدوج بين القضاءين المغربي والإيطالي.
وبحسب تقارير أمنية إيطالية، فإن عملية الاعتقال جرت بتنسيق وثيق مع أجهزة إيطالية مختصة في التعاون الدولي، وبمشاركة خبير أمني يعمل بالسفارة الإيطالية بالرباط، في إطار الجهود المشتركة لمحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
ويُوصف فورنيتي في الأوساط الأمنية الإيطالية بـ“رئيس الرؤساء”، نظراً لنفوذه الواسع وقدرته على نسج علاقات مباشرة مع تنظيمات مافيوية كبرى، من بينها “ندرانغيتا” و“كامورا”، إضافة إلى سجل إجرامي حافل يشمل الابتزاز، حيازة الأسلحة، والاتجار في المخدرات.
وفي انتظار ما ستسفر عنه مساطر القضاء المغربي، يظل مصير الزوجين معلقًا، وسط إصرار إيطالي على استعادتهما لمحاكمتهما في واحدة من أخطر قضايا المافيا التي عرفتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
