أصدرت المحكمة العليا الإسبانية قرارًا غير مسبوق يقضي بإيداع الوزير السابق خوسي لويس أبالوس السجن الاحتياطي، ضمن مسار تحقيقات موسّعة في قضية فساد مرتبطة بصفقات الكمامات خلال فترة جائحة كورونا، وهي القضية التي هزّت المشهد السياسي وأربكت حكومة بيدرو سانشيز.
ويمثل هذا القرار سابقة سياسية وقضائية في إسبانيا، إذ أصبح أبالوس أول نائب برلماني يُعتقل رغم تمتّعه بالحصانة القانونية، بعد أن خلص القاضي إلى وجود مخاوف جدية من احتمال فراره بالتزامن مع اقتراب موعد المحاكمة.
وقضى وزير النقل الأسبق أربع ليال داخل سجن "سوتو ديل ريال"، في خطوة اعتبرها مراقبون ضربة موجعة لمساره السياسي. ووفق تصريحات ابنه فيكتور أبالوس لصحيفتي "إل موندو" و"فونثبوبولي"، فقد أثّر السجن على نفسية والده وخطابه، وكشف أن القيادي الاشتراكي سانتوس سيردان زاره فور اندلاع القضية، مقترحًا عليه تغطية أتعاب الدفاع، وتوفير منصب بشركة استشارات، مع منح مساحة للظهور الإعلامي، في ظل عجز رئيس الحكومة عن التدخل المباشر.
كما نفى فيكتور أبالوس بشكل قاطع امتلاك والده أي حسابات أو ثروات خارجية، موجهاً اتهامات لوزيرة الدفاع مارغاريتا روبليس بالانزعاج من احتمال تعيين والده على رأس وزارتها خلال تعديل حكومي سابق. وأشار أيضاً إلى تقرير أعدته الاستخبارات الإسبانية CNI تضمن معطيات وصفها بالمسيئة.
ويرى نجل الوزير السابق أن سقوط والده بدأ مع تسجيلات صوتية جرى توثيقها، مؤكدًا أن أبالوس دفع ثمن أخطاء لم يرتكبها، وأن السلطات لم تُثبت ضده أي تهمة حتى الآن. ووصف قرار اعتقاله بدعوى احتمال الفرار بأنه “غير منطقي”، قائلاً بسخرية: “كيف سيهرب؟ سيعرفه الجميع في المطار.”
من جهته، أوضح الحزب الاشتراكي العمالي أن أبالوس تم تجميده داخل هياكله التنظيمية منذ عامين بعد ظهور بوادر تجاوزات مالية، غير أن هذا التوضيح لم يوقف الانتقادات الموجهة للحزب، لاسيما أن الوزير السابق كان من الأسماء البارزة في المرحلة الأولى من حكومة سانشيز. وفي المقابل، استغلت المعارضة اليمينية القضية للدعوة إلى احتجاجات ضد الفساد والضغط على الحكومة.
وتفيد الوثائق القضائية بأن النيابة العامة تطالب بأحكام تصل إلى 24 سنة سجناً في حق أبالوس، بتهم تتعلق بالحصول على عمولات غير قانونية في صفقات الكمامات، والانتماء إلى تنظيم إجرامي، واستغلال النفوذ، والرشوة، والاختلاس، مع الاشتباه في استفادته وشركائه من عقود عمومية بطرق غير مشروعة.
