الغضب ليس عدوًا دائمًا… لكنه إذا تُرِكَ دون إدارة، يصبح أقوى حليف للألم المزمن...

الغضب والشعور بالظلم: محفزان أقوى للألم المزمن من التوتر وحده.. دراسة تُعيد رسم خريطة العلاج

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Journal of Pain (نوفمبر 2025) أن الغضب المكبوت والشعور بالظلم قد يكونان أقوى محفزين لتفاقم الألم المزمن واستمراره على المدى الطويل، مقارنة بالتوتر أو القلق أو الاكتئاب وحدهما. هذا الاكتشاف يُغَيِّرُ جذريًا فهمنا للألم المزمن، ويفتح الباب أمام علاجات نفسية جديدة تركز على "إدارة الغضب" بدلًا من الأدوية فقط.

كيف أُجْرِيَت الدراسة؟

  • شملت 707 مريضًا يعانون من آلام مزمنة متنوعة (ظهر، مفاصل، أعصاب، فيبروميالجيا…).
  • استُخْدِمَتْ تقنية تحليل الأنماط الكامنة (Latent Profile Analysis) لتصنيف أشكال الغضب إلى 4 فئات رئيسية:
    1. غضب منخفض + شعور بالظلم منخفض
    2. غضب متوسط + شعور بالظلم متوسط
    3. غضب عالٍ + شعور بالظلم عالٍ
    4. غضب عالٍ لكن مع قدرة جيدة على التحكم فيه

النتائج الصادمة

  • المجموعة الثالثة (غضب عالٍ + شعور بالظلم عالٍ) أبلغت عن:
    • ألم أشد بنسبة 60%
    • انتشار أعراض أكبر بنسبة 75%
    • إعاقة أكبر بنسبة 80%
    • انزعاج نفسي أعلى بنسبة 90%
  • حتى بعد استبعاد تأثير القلق والاكتئاب، بقي الغضب والشعور بالظلم المتنبئ الأقوى لشدة الألم بعد 12 شهرًا.
  • المجموعة الرابعة (غضب عالٍ لكن يُدَارْ جيدًا) كانت الأفضل تحسنًا مع الوقت، حتى لو كان مستوى الغضب الأصلي مرتفعًا.

لماذا الغضب والظلم أخطر من التوتر؟

  • التوتر يرفع الكورتيزول مؤقتًا → يُهَدِّئُ الألم أحيانًا.
  • الغضب المكبوت + الشعور بالظلم ("لماذا أنا؟ الألم عقاب غير عادل") يُفَعِّلْ دائمًا مسارات الالتهاب في الجهاز العصبي المركزي، مما يُحَوِّلْ الألم من حاد إلى مزمن عبر ظاهرة "التحسس المركزي" (central sensitization).
  • الشعور بالظلم يُبْقِيْ الدماغ في حالة "تهديد مستمر"، فيزيد إفراز المواد الالتهابية مثل IL-6 وTNF-α، ويُضْعِفْ قدرة الجسم على إفراز المواد المسكنة الطبيعية (إندورفين، أوكسيتوسين).

العلاجات الجديدة المقترحة

الدراسة تُوصِيْ بتدخلات نفسية مخصصة:

  1. العلاج بالقبول والالتزام (ACT): تعليم المريض قبول الألم دون الحكم عليه بـ"غير عادل".
  2. العلاج بالتعاطف الذاتي (Self-Compassion Therapy): تقليل الشعور بالظلم الشخصي.
  3. العلاج السلوكي المعرفي الموجّه للغضب (Anger-Focused CBT).
  4. التعبير العاطفي الكتابي: كتابة "رسالة غضب" غير مرسلة تُخَفِّضْ شدة الألم بنسبة 30% في 6 أشهر.
  5. اليقظة الذهنية (Mindfulness): أثبتت فعالية في تقليل "تأثير الظلم" بنسبة 45%.

الخلاصة من الباحثين

«الألم المزمن ليس مجرد إشارة جسدية، بل قصة عاطفية. إذا كانت القصة مليئة بالغضب والظلم، فالألم يصبح أقوى وأطول. تغيير القصة قد يكون أقوى مسكن».

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة