عبد الإله بنكيران: بين النزاهة الظاهرية واستغلال الفرص السياسية.. درس مشوه في السلطة والتقاعد

في عالم السياسة المغربية الذي يُغْلِفُ نفسه بستار النزاهة، يظل عبد الإله بنكيران شخصية مثيرة للجدل، حيث يُشَادُ بِهِ كـ"الزاهد السياسي" الذي لم يُسْتَفِدْ من السلطة، لكنه يُنْتَقَدُ بشدة لاستغلاله الفرص إلى أقصى حدودها، سواء في المنصب أو بعده. الرجل الذي تولى رئاسة الحكومة من 2011 إلى 2017، وغادر المشهد "مكردعًا" بعد البلوكاج السياسي مع عزيز أخنوش في 2017، عاد في 2025 ليُعْطِيَ "دروسًا" سياسية، رغم أن عمره السياسي تجاوز مرحلة التأثير الحقيقي، مُثِيرًا تساؤلات حول نزاهته الحقيقية وممارسات حكومته السابقة.

النزاهة الشخصية مقابل الفضائح الحكومية

لا يشكك أحد في نزاهة بنكيران الشخصية؛ فهو لم يُثْبَتْ عليه تورط في فساد مباشر أثناء رئاسته، لكنه لم يكن بعيدًا عن الفضائح التي طالت حكومته. من أبرزها:

  • فضائح الصفقات العمومية: خلال فترته، اندلعت قضايا مثل صفقة "كاسيل" في الصحة (التي أعادتها انتقاداته في 2025 لأخنوش)، والتوظيفات المشبوهة في الوزارات، حيث اتهم بتغطية على مسؤولين في حكومته دون محاسبة فورية.
  • الكوبلات الحكومية: تكرار "الكوبلات" اليومية، كما وصفها النقاد، مع ممارسات مريبة في وزارات مثل الداخلية والعدل، حيث كشفت تحقيقات لاحقة عن اختلالات مالية وتوظيفات حزبية.
  • تصريحاته عن الداخلية: في 2016، أدلى بتصريح مثير عن "ترقيته" لتولي وزارة الداخلية، مما كشف جهلًا بأساسيات الإدارة الحكومية، واعتماده على "التغطية" على أخطاء فريقه بدلاً من المواجهة.

أكدت تقارير مثل تلك في "هسبريس" (2019) أن بنكيران استفاد من تقاعد برلماني أثناء رئاسته، مما أثار تساؤلات حول كيفية الجمع بين المناصب دون حرمان الآخرين، في وقت كان يُدْعِيْ الإصلاح للنظام. كما انتقد إدريس لشكر (الاتحاد الاشتراكي) هذه التصريحات، مُشِيرًا إلى تناقض مع "المنظومة الأخلاقية" التي بنى عليها حزب العدالة والتنمية مكاسبه.

التقاعد "السمين" والاستغلال الشخصي بعد السلطة

بعد خروجه من الحكومة، استغل بنكيران فرصته بشكل صارخ، مطالبًا براتب تقاعدي استثنائي يصل إلى 7 ملايين سنتيم سنويًا (حوالي 700 ألف درهم)، كما كشف تقرير "برلمان.كوم" في فبراير 2025، مُثِيرًا جدلاً حول "الأنانية" في استفادته من نظام يُحْرِمُ الآخرين. وفي أكتوبر 2023، أثار بلاغ رسمي جدلاً حول معاشه الاستثنائي، حيث دافع بيطار عنه لكنه أكد أن "المرجعية القانونية" لا تبرر التناقض مع مسؤوليته السياسية. كما سعى، بحسب متابعين، لامتيازات إضافية، مُثِيرًا انتقادات بدرية عطا الله في برنامج "ديرها غا زوينة"، التي سألته: "كيف علم القصر بوضعك المالي؟".

لم يتوقف عند التقاعد؛ فقد كشف أسرار حكومية كانت مفترضة سرية، مُسْتَخْدِمًا منصبه السابق للضرب في خصومه، كما في تصريحاته الأخيرة (نوفمبر 2025) حيث اتهم أخنوش بـ"الافتراس السياسي" ودعا لانتخابات مبكرة، مُطَالِبًا باستقالة وزيري الصحة والتعليم بعد "فضيحة كاسيل". هذه التصريحات، التي أعادت إشعال الخطاب الحزبي قبل الانتخابات، تُظْهِرُ استغلالاً للمنصب السابق للترويج الشخصي، رغم اتهامه بالسرقة للجميع، كما في تغريداته المتكررة.

درس مشوه: السياسة كتحايل شخصي

يُبْقِيْ بنكيران نموذجًا لمن استغل السلطة شخصيًا، مُظْهِرًا نفسه "زاهدًا" بينما الواقع يكشف عن تناقضات: فشل في محاربة الفساد رغم شعاره (كما وثّقت DW)، واعتماد على "التحايل السياسي" للخروج من الأزمات. المغاربة لم ينسوا كوبلات حكومته، وتصريحاته التي تُصْدِمُ عند إعادة النظر، مُذَكِّرَةً بأن السياسة ليست "دروسًا" شخصية، بل مسؤولية جماعية. في 2025، مع تصاعد خطابه الحزبي، يبقى السؤال: هل عاد للإصلاح، أم للانتقام الشخصي؟

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة