فاجعة طرفاية: مسؤولية سياسية قبل أن تكون خطأً طبيًا.. حين يقتل الإهمال منظومة صحية كاملة
فاجعة طرفاية: مسؤولية سياسية قبل أن تكون خطأً طبيًا.. حين يقتل الإهمال منظومة صحية كاملة
لم تكن فاجعة وفاة طفلة حديثة الولادة بطرفاية حادثًا عابرًا ولا خطأً طبيًا معزولًا، بل نتيجة منطقية لاختلال عميق ينهش منظومة صحية تُدار بعقلية سياسية، لا بروح الحق الإنساني في العلاج. فعندما تتحول المستشفيات إلى مجرد نقاط عبور، ويصبح الطريق بين طرفاية والعيون أخطر من المرض نفسه، فإن الخلل يكون بنيويًا، يبدأ من أعلى هرم القرار قبل أن يظهر في التفاصيل اليومية. ما جرى بطرفاية يعيد إلى الواجهة واقع قطاع صحي أُثقل كاهل ملايين المغاربة، رغم ما يعانيه منذ سنوات من ضعف التجهيزات، ونقص الأطر الطبية، وغياب أقسام أساسية كالتوليد والإنعاش. طفلة فارقت الحياة داخل سيارة إسعاف، لا بسبب تعقيد حالتها، بل لأن المستشفى الإقليمي عاجز عن القيام بأبسط وظائفه. غير أن المأساة لا يمكن اختزالها في إهمال محلي أو خلل ظرفي، بل ترتبط بمنظومة تدبير مركزية يطبعها منطق الولاءات وتدوير المقربين، أكثر مما تحكمها معايير الكفاءة والاستحقاق. وحين يُسند تدبير قطاع حيوي كالصحة لأشخاص تحيط بمساراتهم المهنية والسياسية أسئلة مشروعة، فإن الشك يصبح حقًا عامًا، لا مزايدة ولا افتراء، في بلد يدفع فيه المواطن البسيط ثمن الفشل من حياته …