عاد اسم أنس الصفريوي، مؤسس مجموعة الضحى العقارية، إلى الواجهة بعد إدراجه مجدداً ضمن قائمة مليارديرات المغرب في تصنيف “فوربس 2025”، بثروة قُدّرت بـ1.5 مليار دولار. غير أن هذا الحدث أعاد أيضاً إلى السطح إرثاً ثقيلاً من الأسئلة والانتقادات المرتبطة بمسار تراكم الثروة داخل واحدة من أكثر المجموعات العقارية إثارة للجدل في المغرب.
ثروة مثيرة للجدل
صعود الصفريوي لم يكن – وفق منتقدين – ثمرة مسار اقتصادي تنافسي أو نموذج صناعي ناجح، بل نتيجة منظومة معقدة تجمع بين الامتيازات الحكومية، وانتزاع الأراضي، وصيغ الدعم الموجهة في الأصل إلى الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ليتم تحويلها إلى رافعة لثروات خاصة.
فالمنعش العقاري الذي بدأ في صناعة الفخار، وجد أبواب العقار المدعوم مفتوحة أمامه، ليدخل مرحلة صفقات ضخمة لبناء وحدات سكنية اجتماعية، شكّلت نقطة التحول في ثروته، ورسخت موقع مجموعته كلاعب مهيمن في السوق.
السكن الاقتصادي… كلفة مضاعفة للمواطن
يتكرر المشهد ذاته في أغلب المشاريع: شقق تُسوّق كمنتوج اقتصادي، لكن بجودة مثيرة للجدل وأسعار ترتفع باستمرار رغم الامتيازات الضريبية الكبيرة. فيديوهات التشققات، أعمدة تنهار بعد أشهر، غياب التهيئة، ومساحات أقل من المعلن… كلها عناصر أصبحت مألوفة لدى فئات واسعة من المشترين.
فالسكن الذي يُفترض أن يفتح باب الاستقرار للطبقات المتوسطة والدنيا، يتحول لدى الكثيرين إلى التزام مالي طويل المدى مقابل منتوج لا يستجيب حتى للحد الأدنى من جودة العيش.
غضب اجتماعي يقابله ازدهار بورصي
ملفات الضحى صارت حاضرة بقوة في شكايات المواطنين واحتجاجاتهم: تأخر في التسليم، مشاكل في الرسوم العقارية، اختلاف المساحات، إخلالات في البناء والتهيئة. ورغم ذلك، تواصل أسهم المجموعة تحقيق أداء قوي في البورصة، وكأن السوق يكافئ نموذجاً اقتصادياً يثير سخط المستهلكين.
ثروة تتضخم… ومعاناة تتوسع
عودة الصفريوي إلى قائمة الأغنياء ليست حدثاً معزولاً، بل مرآة لمعادلة شائكة: قطاع مدعوم من المال العام يتحول إلى مصدر ثراء خاص، بينما يتحمل المواطن كلفة سكن رديء وجودة متراجعة. فنجاح سهم “دجى الإنعاش الضحى” يضع المؤسس على قمة الثروة، بينما يقف آلاف المواطنين في الأسفل يواجهون تبعات قروض مرهقة وسكن غير لائق.
بين الثروة والحق في السكن
لا أحد يعترض على تكوين الثروات في إطار المنافسة والابتكار، لكن الإشكال يبرز حين تبنى هذه الثروات على اختلالات عمرانية، ودعم اجتماعي ينحرف عن مساره، ومشاريع سكنية لا تحترم كرامة العيش.
ويبقى السؤال الذي يتردد لدى كثير من المغاربة:
كم من ثروة تُبنى على حساب سكن غير لائق؟ وكم من مواطن سيقع مجدداً في مصيدة “السكن الاقتصادي”؟
فمجموعة الضحى، بالنسبة لمنتقديها، ليست مجرد فاعل عقاري، بل نموذج لنمط اقتصادي تُستغل فيه السياسة والامتيازات العمومية لصناعة ثروات عملاقة على حساب الفئات الهشة.
