رغم المسار القاري المميز الذي بصم عليه، ورغم حضوره القوي داخل رقعة الميدان، ما يزال وليد الركراكي يثير الجدل بإصراره على استبعاد اسم أثبت، بالأرقام والألقاب، أنه يستحق على الأقل فرصة حقيقية مع المنتخب المغربي الأول. محمد ربيع حريمات لم يعد مجرد لاعب متألق في البطولة الوطنية، بل قائد صاغ مجده مع المنتخب المحلي، حين تُوّج بلقبي كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين وكأس العرب، متوجًا في البطولتين معًا بجائزة أفضل لاعب، في إنجاز نادر لا يتحقق إلا من لاعبين استثنائيين.
ورغم هذا الرصيد القاري والعربي، ظل حريمات خارج حسابات الناخب الوطني، في قرار فجّر موجة واسعة من الاستغراب داخل الأوساط الرياضية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وطرح تساؤلات حقيقية حول المعايير المعتمدة في اختيارات المنتخب الأول.
فالغياب المتكرر لقائد المنتخب المحلي يصعب تبريره تقنيًا، خاصة بعد الأداء اللافت الذي قدمه في بطولة “الشان”، حيث كان عنصر التوازن في وسط الميدان، وقائدًا حقيقيًا داخل الملعب وخارجه، ساهم بشكل حاسم في بلوغ النهائي والتتويج، ونال إشادة واسعة من المتابعين والخبراء.
ويزداد هذا الاستغراب حدة في ظل المعاناة الواضحة للمنتخب الأول على مستوى خط الوسط، سواء من حيث الانسجام أو الجاهزية، مع استمرار الاعتماد على أسماء تعيش تراجعًا في المستوى أو تفتقر للثبات، فقط لأنها تحظى بثقة المدرب أو تدخل ضمن حساباته المسبقة.
ومع توالي قرارات الإقصاء، بدأ جزء من الرأي العام الرياضي يربط بين تهميش حريمات وخلفيات تعود لفترات سابقة، حين كان الركراكي يشرف على تدريب الفتح الرباطي أو الوداد الرياضي، وهي فرضيات زاد من قوتها الإصرار غير المبرر على تجاهل لاعب يفرض نفسه بالأداء لا بالتصريحات.
ورغم نفي الركراكي المتكرر لأي خلاف شخصي، وتأكيده أن اختياراته مبنية على “قناعات تقنية”، فإن هذه القناعات أصبحت محل نقاش واسع، حين تُقصي لاعبًا متوجًا قاريًا وعربيًا، وتفتح الباب أمام أسماء أقل تأثيرًا داخل رقعة الملعب. فحين تنفصل القناعات عن منطق الاستحقاق، تتحول إلى عناد، والعناد نادرًا ما يصنع الإنجازات.
في المقابل، أظهر محمد ربيع حريمات قدرًا كبيرًا من النضج والمسؤولية، مؤكدًا أن أي خلاف سابق لم يتجاوز حدود التنافس داخل الملعب، وأن حلمه، كأي لاعب مغربي، يبقى الدفاع عن قميص المنتخب الأول، واضعًا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وهو موقف زاد من احترام الجماهير له، وعمّق في الآن ذاته الإحراج الذي يلاحق الطاقم التقني.
واليوم، وقبيل انطلاق كأس أمم إفريقيا بالمغرب، يعيش الشارع الكروي حالة من القلق المشروع. ليس بسبب نقص المواهب، بل خوفًا من اختيارات قد لا تعكس حجم الإمكانيات المتاحة، ومن منتخب قد يعاني من سوء التوظيف أكثر مما يعاني من ضعف الجودة.
كرة القدم لا تعترف بالأسماء وحدها، ولا بالتاريخ فقط، بل بالأداء والاستحقاق. وحين يُهمّش لاعب بحجم محمد ربيع حريمات، فإن السؤال لم يعد: لماذا لم يُستدعَ؟ بل: أي رؤية تقنية تحكم مستقبل المنتخب المغربي؟
