أكد وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، في مقابلة خاصة مع وكالة إيفي الإسبانية بمقرها في مدريد، أن القرار الأممي الأخير بشأن الصحراء المغربية يشكل محطة مفصلية في مسار هذا الملف، إذ يرسّخ رسمياً مبادرة الحكم الذاتي لعام 2007 كحل واقعي وعملي ووحيد يمكن البناء عليه مستقبلاً. كما يحدد لأول مرة، وبوضوح، الأطراف المشاركة في العملية السياسية: المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، إلى جانب وضع روزنامة دقيقة للجولات المقبلة.
وأوضح بوريطة أن هذا القرار يمنح المفاوضات المقبلة إطاراً منهجياً واضحاً، ويُنهي مرحلة طويلة من التفسيرات المتناقضة التي كانت سبباً في إطالة أمد النزاع وتعطيل مسار الحل.
وكشف الوزير أن المغرب يعمل حالياً على تحديث مبادرة الحكم الذاتي، لتصبح أكثر دقة وشمولية، بما ينسجم مع التحولات العميقة التي عرفتها المملكة منذ سنة 2007، وعلى رأسها دستور 2011، وورشة الجهوية المتقدمة لسنة 2015، ثم النموذج التنموي الجديد.
وشدد على أن هذا التحديث سيتم عبر مشاورات واسعة مع مختلف الأحزاب الوطنية لضمان إشراك كل الفاعلين، على أن تعتمد الصيغة المحينة كمرجع أساسي للتفاوض وفق مقتضيات القرارات الأممية. وأضاف أن طبيعة حضور جبهة البوليساريو في المفاوضات ما تزال موضوع نقاش، وأن مجلس الأمن والأمم المتحدة، بتنسيق مع الولايات المتحدة باعتبارها الدولة المضيفة، سيتكفلان بتحديد الجدول الزمني النهائي للاجتماعات.
وفي ما يتعلق بحق تقرير المصير، أكد بوريطة أن هذا المفهوم في القانون الدولي لا يختزل في الاستفتاء، بل يتجاوز ذلك ليشمل آليات ديمقراطية متعددة تتيح للسكان التعبير عن إرادتهم ضمن حلول توافقية. وجدد رفض المغرب للتأويلات الضيقة لهذا الحق مع التأكيد على التزامه بالمبدأ في إطاره القانوني الصحيح.
وعلى المستوى الدولي، أبرز الوزير أن المغرب يراهن على حل نهائي ومستدام يعزز شراكاته الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تحظى بدعم متزايد من قوى دولية مهمة مثل إسبانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، وهو ما يمنحها قوة قانونية وسياسية أكبر.
وفي ما يتعلق بإدارة المجال الجوي فوق الصحراء، كشف بوريطة عن تقدم مهم في هذا الملف عبر لجنة مشتركة مع إسبانيا، مؤكداً أن أي اتفاق نهائي يجب أن يحافظ على مصالح المملكة ويضمن توازناً واضحاً بين الجانبين.
