أزمة CNSS: تعويضات هزيلة وصفقات مثيرة للجدل… روبوت بـ6 ملايين درهم وبيانات مُسربة…

يبدو أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعيش أزمة عميقة تمس جوهر دوره، فالمشكل لم يعد مرتبطًا فقط بتدبير مالي أو إداري، بل بمنظومة يفترض أن تحمي المنخرطين وتصون حقوقهم وكرامتهم.

فالاحتجاجات المتصاعدة حول طريقة احتساب التعويضات تكشف عن فجوة واسعة بين حجم الاشتراكات التي يؤديها المواطنون وما يتلقونه في المقابل، إذ يؤكد عدد من المنخرطين حصولهم على تعويضات لا تغطي حتى أبسط النفقات. هذا الاختلال يطرح تساؤلات جدية حول عدالة آليات الاحتساب وجدوى استمرار هذا النموذج.

وتتعمق الأزمة أكثر مع الجدل الذي أثارته معطيات سابقة حول تسريب آلاف البيانات الشخصية من داخل المؤسسة، وهو مؤشر على هشاشة الأمن المعلوماتي داخل جهاز يُفترض أن يكون نموذجًا في حماية معطيات ملايين المواطنين. فكيف يمكن تعزيز الثقة في مؤسسة لا تستطيع تأمين قواعد بياناتها؟ وكيف يُطمئن المنخرط إذا لم تُضمن أدنى شروط الحماية الرقمية؟

وفي خضم هذه الانتقادات، وجد المواطنون أنفسهم أمام إعلان عن صفقة تكنولوجية ضخمة تتعلق باقتناء روبوت محادثة يعتمد على الذكاء الاصطناعي بكلفة تصل إلى ستة ملايين درهم. صفقة أثارت الكثير من التساؤلات، خصوصًا بعدما أشارت تقديرات تقنية إلى أن تطوير نموذج مماثل قد لا يتجاوز سبعين مليون سنتيم. وبينما تتوفر المؤسسة على أعداد كبيرة من الموظفين، يتساءل الكثيرون: هل يعاني الصندوق حقًا من نقص في الموارد، أم من سوء تقدير للأولويات؟

ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي تعكس مستوى كبيرًا من فقدان الثقة. هناك من يطالب بإعادة هيكلة أساليب احتساب التعويضات، ومن يدعو إلى توجيه ميزانية المؤسسة نحو تحسين الخدمات الأساسية، وآخرون يشددون على ضرورة تعزيز الأمن السيبراني وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا تتكرر حوادث تسريب البيانات.

إن الأزمة التي يعيشها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ليست أزمة تقنية أو مالية فقط، بل أزمة رؤية تدبيرية. فالمنخرط لا يبحث عن روبوت يجيبه، بل عن مؤسسة تنصفه وتكافئه بخدمات تليق بمساهماته وسنوات عمله. وما لم تتغير أولويات الإنفاق وتُعالج اختلالات الحكامة، فإن الثمن سيكون مجتمعيًا قبل أن يكون إداريًا.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة