تقرير DGSE المسرب: مخطط جزائري لزرع الكيان الانفصالي داخل موريتانيا وإعادة رسم خرائط الساحل

كشفت وثائق استخباراتية مسرّبة من مديرية الاستخبارات الخارجية الفرنسية (DGSE) عن واحدة من أخطر العمليات السرية التي استهدفت موريتانيا منذ مطلع الألفية، وذلك عبر مخطط جزائري محكم يقوم على اختراق البنية السياسية للبلاد وتجنيد شخصيات موريتانية من مواقع متقدمة داخل أوروبا.

وبحسب التقرير، فإن الهدف المركزي للمخطط كان إحداث تغيير مفاجئ في السلطة يسمح للجزائر بفرض كيان انفصالي تابع لجبهة "البوليساريو" في الشمال الغربي لموريتانيا، في خطوة كانت ستقلب موازين القوى في منطقة الساحل، وتفتح الباب على مرحلة غير مسبوقة من الفوضى وعدم الاستقرار.

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تعامل مع المعلومات الواردة بصرامة كاملة، فأطلق موجة إقالات واسعة، وأمر بإجراء تدقيقات أمنية معمّقة، وفتح تحقيقات مع مختلف الأطراف التي يُحتمل أن تكون لها صلة بهذا المشروع التخريبي. وقد عكس هذا التحرك إدراكًا رسميًا بأن الحرب الهجينة لم تعد سيناريو افتراضيًا، بل أصبحت أداة تعتمدها قوى إقليمية لإعادة تشكيل الخرائط في المنطقة بصمت ودون ضجيج.

ومن زاوية تحليلية، يبرز التقرير ثلاثة تحولات استراتيجية كبرى:

1. نهاية مرحلة الغموض الاستراتيجي في موريتانيا

موريتانيا، التي اتسمت لعقود بسياسة الحذر وتوازن المواقف، انتقلت اليوم إلى عقيدة أمنية استباقية وأكثر هجومية. فالتهديدات الأمنية التي كانت محصورة في الجوار أصبحت تتسلل مباشرة إلى الداخل عبر اختراقات سياسية واجتماعية.

2. الجزائر والتحرك بمنطق “ملء الفراغ”

مع تراجع هامش تأثيرها في شمال إفريقيا، وتقلص فعالية أدواتها الدبلوماسية والعسكرية، تحاول الجزائر تعويض خسائرها عبر خلق جبهة جديدة في موريتانيا، خصوصًا في ظل التقدم المتسارع للدبلوماسية المغربية في إفريقيا وارتفاع منسوب نفوذها داخل المؤسسات القارية.

3. المغرب واستراتيجية الاستقرار في الساحل

يرى التقرير أن المغرب، بقيادة رؤية ملكية هادئة واستباقية، نجح في بناء علاقة متوازنة ومستقرة مع نواكشوط، ما يجعل أي محاولة لزرع كيان انفصالي بمحاذاة حدوده تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني المغربي وللاستقرار الإقليمي. فالمغرب يعتمد في الساحل مقاربة ترتكز على دعم الاستقرار والتنمية ومكافحة التطرف، لا على خلق الفراغ أو تغذية الفوضى.

اليوم، أصبحت معركة النفوذ في الساحل تتجاوز الأدوار الدبلوماسية التقليدية، لتتحول إلى صراع معلوماتي وأمني يعتمد أساليب الاختراق وتوجيه مراكز النفوذ من الداخل.

موريتانيا، عبر التحركات التي قامت بها، وجّهت رسالة صارمة:
الأمن ليس ورقة للمساومة، والسيادة ليست مجالًا لصفقات الظل أو تدخلات القوى التي تسعى لزعزعة استقرار المنطقة.

إرسال تعليق

الانضمام إلى المحادثة

الانضمام إلى المحادثة