تواصل العلاقات التجارية بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية ترسيخ طابعها الاستراتيجي والبنيوي، وفق ما كشف عنه التقرير الشهري للتجارة الخارجية COMEX برسم شهر أكتوبر 2025، الصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة والمقاولة الإسبانية.
وأبرز التقرير، الذي تداولته وسائل إعلام إسبانية، أن المغرب يثبت مكانته كأحد أهم الشركاء التجاريين لإسبانيا على مستوى القارة الإفريقية، سواء باعتباره وجهة رئيسية للصادرات الإسبانية أو كمصدر متنامٍ للواردات.
وحسب المعطيات الرسمية، بلغت قيمة الصادرات الإسبانية نحو المغرب خلال الفترة الممتدة من يناير إلى أكتوبر 2025 حوالي 10.253,1 ملايين يورو، أي ما يمثل 3,2 في المائة من إجمالي الصادرات الإسبانية. غير أن هذا الرقم يعكس تراجعًا سنويًا بنسبة 5,4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، في سياق دولي يتسم بتباطؤ بعض التدفقات التجارية وإعادة تموضع عدد من القطاعات الصناعية والطاقية.
ورغم هذا التراجع النسبي، لا يزال المغرب يحتل موقعًا متقدمًا ضمن قائمة الشركاء التجاريين الأكثر أهمية لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعكس عمق الروابط الاقتصادية بين البلدين، مدعومة بعوامل القرب الجغرافي، والتكامل الصناعي، وتشابك سلاسل التوريد.
في المقابل، سجلت الواردات الإسبانية القادمة من المغرب أداءً إيجابيًا، إذ بلغت قيمتها 8.731,6 ملايين يورو خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2025، أي ما يعادل 2,4 في المائة من إجمالي الواردات الإسبانية، مسجلة نموًا سنويًا بنسبة 6,2 في المائة.
ويعكس هذا الارتفاع الدينامية المتزايدة للمنتجات المغربية داخل السوق الإسبانية، خصوصًا في قطاعات استراتيجية تشمل صناعة السيارات، والصناعات الفلاحية والغذائية، والنسيج، والمكونات الصناعية، ما يعزز موقع المغرب داخل سلاسل القيمة الإقليمية.
وعلى مستوى الميزان التجاري، حافظت إسبانيا على فائض تجاري لصالحها بلغ 1.521,5 ملايين يورو خلال الفترة ذاتها، غير أن هذا الفائض يبقى أقل من المسجل خلال سنة 2024، حين تجاوز 2.600 مليون يورو، في مؤشر على تقارب تدريجي في حجم المبادلات وتوازن نسبي أكبر في العلاقات التجارية الثنائية.
وبلغ الحجم الإجمالي للتبادل التجاري بين البلدين 18.984,7 ملايين يورو خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2025، ما يؤكد مجددًا مكانة المغرب كأول شريك تجاري لإسبانيا في إفريقيا، وأحد الركائز الأساسية للعلاقات الاقتصادية الأورو-متوسطية.
وتعكس هذه الأرقام الطابع الاستراتيجي للعلاقة الاقتصادية المغربية الإسبانية، القائمة على التكامل الإنتاجي، والترابط الصناعي، وتعدد مجالات التعاون، لاسيما في الصناعة واللوجستيك والتجارة الخارجية، بما يعزز استدامة هذه الشراكة على المدى المتوسط والبعيد.
