شهد حي التيسير بمنطقة أولاد زياد في الدار البيضاء، ليلة الأحد-الإثنين 7-8 ديسمبر 2025، حالة من الفوضى والعنف نسبت إلى مجموعة من المهاجرين غير النظاميين المنحدرين من دول جنوب الصحراء، مما أدى إلى إلحاق خسائر مادية بممتلكات السكان، وإصابة عدد من الأشخاص الذين نُقِلُوا إلى المستعجلات للإسعافات الأولية. كان بعض المتورطين يحملون أسلحة بيضاء، مما استدعى تدخلًا سريعًا من عناصر الشرطة التابعة لمنطقة مرس السلطان لاحتواء الوضع واستعادة النظام، قبل أن يُحَالْ مجموعة من المشتبه بهم إلى البحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة.
خلفية الحادث: توترات مستمرة في أحياء شعبية
جاءت هذه الحادثة في سياق توترات مستمرة في أحياء شعبية بالدار البيضاء، خاصة في مناطق مثل درب ميلان وأولاد زيان، حيث أصبحت هذه الفضاءات نقاط تجمع رئيسية لمهاجرين غير نظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء منذ سنوات، مما أثار شكاوى متزايدة من السكان المحليين بشأن الاحتلال العشوائي للملك العام والفوضى المرافقة. وفقًا لمصادر محلية، اندلعت المواجهة بعد خلاف بسيط تحول إلى شغب جماعي، حيث رُشِقَتْ سيارات ومحلات بأحجار وحُطِّمَتْ نوافذ، مما أدى إلى إصابة 5 أشخاص على الأقل، بينهم ساكن محلي ومهاجر، جرى نقلهم إلى مستشفى ابن سينا للعلاج.
استجابت عناصر الشرطة بسرعة، مدعومة بدوريات من الفرقة الوطنية للشرطة، لتفريق المتظاهرين واعتقال 8 مشتبه بهم، بينهم 6 مهاجرين، وجَرْيَ إجراءات تحقيق لتحديد الملابسات وكافة المسؤوليات. أكدت مصادر أمنية أن الوضع عاد هادئًا بحلول فجر الاثنين، مع نشر دوريات وقائية في الحي لمنع تكرار، ودعوة السكان إلى الالتزام بالهدوء.
سياق أوسع: حملات ترحيل وتوترات اجتماعية
هذه الحادثة ليست معزولة؛ ففي الأسابيع الأخيرة، شهدت الدار البيضاء حملات واسعة للسلطات المحلية لفض التجمعات العشوائية للمهاجرين في أحياء مثل درب ميلان وأولاد زيان، بعد شكاوى متكررة من السكان حول الاحتلال للملك العام، انتشار الفوضى، والمخاوف الأمنية. في أكتوبر 2025، أُجْرِيَتْ عمليات ترحيل جماعي نحو مدن أخرى مثل وجدة وطنجة، ضمن حملة "مرحبا 2025" التي سجلت عبورًا قياسيًا لأكثر من 4 ملايين مغربي، لكنها أثارت جدلًا حول معاملة المهاجرين غير النظاميين.
أعربَ ناشطون محليون عن استيائهم، مُشِيرِينْ إلى أن هذه التجمعات تُثِيرْ "الرعب" وسط السكان، مع انتشار الأوساخ والأمراض، وزيادة العبء على الأمن والخدمات العامة. في المقابل، حذَّرَتْ منظمات حقوقية مثل جمعية الهجرة واللاجئين من "التمييز العنصري" في التعامل مع المهاجرين، مُطَالِبَةْ بسياسات تكامل أكثر إنسانية، خاصة مع تزايد التدفق من دول الساحل (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) بسبب النزاعات والجفاف.
في السياق الأوسع، يُعَدُّ المغرب ممرًا رئيسيًا للهجرة غير النظامية نحو أوروبا، حيث يُسَجِّلْ عشرات الآلاف من المهاجرين عبورًا سنويًا، لكن الضغط على الأحياء الشعبية في الدار البيضاء أصبح يُثِيرْ مواجهات متكررة، كما حدث في مايو 2023 عندما أدت اشتباكات في درب الكبير إلى إصابات وتوقيفات، أو في يناير 2023 في أولاد زيان حيث رُشِقَتْ قوات الأمن بالحجارة أثناء عملية إخلاء. هذه الحوادث تُبرِزْ التحديات الاجتماعية الناتجة عن الهجرة غير المنظمة، في بلد يُعَانِيْ من البطالة (12% في 2025) ونقص السكن، مما يُزِيدْ التوترات بين السكان المحليين والمهاجرين.
أكدت المديرية العامة للأمن الوطني (DGSN) في بيانها أن التحقيق جارٍ لتحديد الملابسات، ودعتْ السكان إلى التعاون مع القوات للحفاظ على الأمن، مشيرةً إلى أن "القانون يحمي الجميع دون تمييز". في الوقت نفسه، أعربتْ جمعية حقوقية محلية عن قلقها من "تصعيد العنف"، مُطَالِبَةْ الحكومة بتعزيز البرامج الاجتماعية للتكامل ومراقبة التدفقات عبر الحدود.
هذه الحادثة تُذَكِّرْ بضرورة سياسات هجرة متوازنة، تجمع بين الإنسانية والأمن، في مدينة الدار البيضاء التي تُعَدُُّ بوابة رئيسية للقارة، حيث يلتقي الفقر والأمل في فضاءات ضيقة مليئة بالتحديات.
