يواصل المغرب تنفيذ مخططاته الطاقية لتعزيز قدراته في مجال البنيات التحتية الخاصة بالغاز الطبيعي المسال، والحد من اعتماده على المحطات الإسبانية التي يتولى عبرها تحويل الغاز قبل ضخه إلى المملكة عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي. هذا التوجه سبق أن كشفت عنه وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ضمن استراتيجيتها لتقوية استقلالية البلاد الطاقية.
وفي أحدث المستجدات، أفادت مجلة "بلومبيرغ" الاقتصادية أن المغرب طرح هذا الأسبوع طلب عروض لاختيار الشركة التي ستتولى تجهيز ميناء الناظور غرب المتوسط بمحطة عائمة مخصصة لتخزين وتحويل الغاز الطبيعي المسال، مع برمجة بدء تشغيلها العام المقبل. وسيواكب هذا المشروع اختيار شركات لبناء وتمويل وتشغيل خطوط أنابيب تربط الميناء بالمناطق الصناعية الكبرى، بتكلفة قد تصل إلى مليار دولار، منها 273 مليون دولار للمحطة العائمة و681 مليون دولار للأنابيب.
ووفق التقرير، ستُفتح عروض المناقصة الخاصة بمحطة التخزين وإعادة التحويل في فبراير المقبل، على أن يتم الإعلان عن اللائحة الأولية للمرشحين لمشاريع خطوط الأنابيب خلال الفترة ذاتها.
ويهدف المغرب من خلال هذه المشاريع إلى تعزيز موقعه كمستورد محوري للغاز الطبيعي المسال، إذ تخطط الحكومة لرفع استهلاك الغاز من 1.2 مليار متر مكعب إلى 12 مليار متر مكعب سنويًا بحلول 2030، باستثمار إجمالي يصل إلى 3.5 مليارات دولار.
وتأتي هذه الخطط أيضًا لتعويض الانقطاع المفاجئ لإمدادات الغاز الجزائري سنة 2021 عقب الأزمة الدبلوماسية بين البلدين. وستُربط محطة الناظور بالخط المغاربي الأوروبي، الذي كان مخصصًا سابقًا لنقل الغاز الجزائري نحو إسبانيا مرورًا بالمغرب.
كما تشمل الاستراتيجية، وفق "بلومبيرغ"، استثمار 1.5 مليار دولار إضافية لتعزيز البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، بهدف استبدال مصادر طاقية ملوّثة مثل الفحم والفيول، إلى جانب ضخ ملياري دولار لبناء محطات كهرباء جديدة تعمل بالغاز، ما سيُضاعف ثلاث مرات حجم الكهرباء المنتجة بهذه المادة.
ويطمح المغرب إلى إزالة الكربون من اقتصاده بالكامل بحلول 2050، مع التخلي التدريجي عن الفحم، والتوسع في الطاقات المتجددة مثل الشمسية والريحية، إضافة إلى تطوير مشاريع تخزين الكهرباء عبر البطاريات.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الانتقال الطاقي أعلنت سنة 2024 عن شروع المغرب في إنشاء ثلاث محطات لتحويل الغاز الطبيعي المسال: الأولى بميناء الناظور غرب المتوسط، والثانية والثالثة بكل من المحمدية والداخلة على الساحل الأطلسي. وتُرتقب جاهزية محطتي الناظور والمحمدية بحلول 2027، على أن تُستكمل محطة الداخلة في مرحلة لاحقة.
وستُمكّن هذه البنية التحتية الجديدة المغرب من استيراد الغاز مباشرة من الدول المنتجة عبر سفن الشحن ونقله إلى محطات التحويل الوطنية، بدل المرور عبر المحطات الإسبانية، ما سيساهم في خفض كلفة النقل والمدة الزمنية، ويُقلّص تبعية البلاد للمنشآت الأجنبية.
ومنذ وقف الجزائر لاتفاق نقل الغاز نحو أوروبا عبر المغرب، والذي كان يتيح للمملكة الاستفادة من 20٪ من الغاز بشكل مجاني مقابل مرور الأنبوب عبر أراضيها، شرع المغرب في بناء بدائل مستقلة لضمان أمنه الطاقي وتنويع مصادر الإمداد.
